
حازم منير
أقدار الرقابة الإدارية
كما عهدناها فى الآونة الاخيرة قدمت الرقابة الادارية إلى الراى العام خلال 48 ساعة فقط تقريرًا وافيًا شاملاً دقيقًا عن «غرق» القاهرة الجديدة، راصدًا المسئوليات ومشمولاً بتوصيات وقرارات ذهبت للنائب العام الذى كلف الهيئة الرقابية المحترمة بإعداد تقرير تفصيلى عن مواطن التقصير فى الأداء من الشخصيات والهيئات والمسئولين. وما يعنينى فى التقرير الرقابى المحترم ثلاثة أمور جوهرية لفت التقرير إلى أهميتها.
الأمر الأول: ما سماه التقرير بشكل مهذب «غياب التنسيق» بين وزارات وهيئات حكومية وما تحدث عنه بوضوح عن «انعدام الحرفية والمهنية» فى إدارة الأزمة؛ وهى فى الحقيقة ملاحظات ليست فقط جوهرية وإنما هى متكررة فى أزمات مشابهة سابقة، ولعل هذا ما أشرت له فى مقالى بالأمس عن تعامل المسئولين مع الأزمات قبل حدوثها بأساليب مختلفة من خارج الصندوق ومتى نمتلك جهازًا حقيقيًا ناجحًا لإدارة الأزمات.
الأمر الثانى: ما رصده التقرير حول «ما شاب إجراءات تسليم وتسلم محطات الصرف بين جهاز مدينة القاهرة الجديدة وشركة الصرف الصحى بالقاهرة بالمخالفة، الأمر الذى شكل جريمة جنائية تضر بالمال العام وتستدعى المساءلة القانونية وهو ربما يستدعى التساؤل عن مسئولية القائمين على الأمر من مسئولين على جميع المستويات وليست فقط المسئولية المباشرة وقت إجراءات التسليم والتسلم».
الأمر الثالث: كيفية التعاطى مع القرارات والتوصيات الواردة فى التقرير؛ ولو أتذكر جيدًا أن أزمات مشابهة ضربت مناطق عديدة فى سنوات مضت وخرجت نتائج وتوصيات وقرارات مشابهة ذات صلة بلجنة إدارة الأزمات الوهمية التى نسمع عنها دائما ولا نعلم عنها شيئا أو بأداء المسئولين المحليين والمركزيين قبل وقوع الكوارث الطبيعية والاستعداد لها وغير ذلك العديد والعديد من التوصيات التى تفاجئنا الأحداث بأنها – التوصيات - مضت فى طريقها.
ثقتى فى جهاز الرقابة الإدارية يتيح لى الاطمئنان إلى أن التوصيات والقرارات هذه المرة لن تذهب ولا تعود و إنما ستجد طريقها للتنفيذ عبر آليات نفتقد لها دائما.
فى القوانين نصوص رائعة وفى محاضر جلسات اجتماعات الحكومة قرارات ممتازة وداخل الوزارات والهيئات الحكومية توصيات براقة لامعة؛ لكن ليست النصوص القرارات وحدها كفيلة بحل المشكلات التى نواجهها.
أى نص قانونى أو قرار دون آلية محددة لتنفيذه لا يساوى شيئا؛ وهو والعدم سواء ومسألة الوسائل وآليات التنفيذ مرتبطة بشكل وثيق بالإبداع والحرفية والمهنية؛ وهى القواعد الغائبة تماما عن الأداء الحكومى فى العديد من المواقف والأحداث وليس فقط ملف غرق القاهرة الجديدة.
أعلم ان آليات تنفيذ التوصيات والقرارات ليست مسئولية الرقابة الإدارية وإنما هى مسئولية الحكومة وأجهزتها المعاونة والمفترض أنها – الحكومة - لا تنفذ فقط التوصيات والقرارات وتعلن عن التزامها بذلك وإنما هى مسئولة مسئولية مباشرة عن متابعة التزامات الهيئات المختلفة بمدى تنفيذها دوما وليس فقط فى لحظة أو فى أزمة.
ورغم ذلك يتبقى الأمل فى متابعة الرقابة الإدارية لمدى التزام الحكومة بشكل دائم فى التعامل مع الأزمات؛ حتى لا نعود مجددا للكتابة عن السيول ونكرر نفس الكلام وهو عبء جديد وأحمال إضافية عليكم لكن نعمل إيه هذا قدركم.