
حازم منير
العاصمة القديمة
العاصمة المصرية واحدة من المدن القليلة فى العالم وربما أنها تنفرد بين عواصم العالم بميزة غاية فى الخصوصية وهى أنك تستطيع أن تفعل ما تشاء فى أى وقت تشاء وأن تجد ما تريد حين تريد.
العاصمة المصرية «كوزموبوليتنية» أى عالمية متنوعة بها خليط من الأنواع والأجناس من أعلب بلدان العالم، ولأن التعليم فى بلدى متنوع فثقافة سكان القاهرة متنوعة.
فى القاهرة لا يهم كيف تسير فى الشارع، ولا من أين تعبر الطريق أو كيف تعبره، وأنت تستطيع أن تنظر يمينك أثناء العبور بينما السيارات تأتى من يسارك، وأنت تستطيع أن تسير متحدثا فى المحمول دون الالتفات للسيارات القادمة، فالرهان الأساسى أن قائد المركبة لن يصدمك .
وفى أغلب شوارع العاصمة لا تجد أماكن مخصصة لعبور المشاة، ولو وجدت فإنك لن تجد من يمنعك من العبور أثناء سير السيارات، والمواطن المصرى يتعلم أساليب بهلوانية من صعوبات العبور منها مثلا كيف تحدد المسافات بين السيارات لتمر من بينها، أو كيف تختار اللحظة التى سيضطر قائد السيارة للانتظار خشية أن يصدمك دون التفكير فى تبعات ذلك ومنها اصطدام السيارات بسبب التوقف المفاجئ للأتوبيسات والعربات.
وفى كل شوارع العاصمة نادرا ما تجد قائد سيارة يقودها من دون وجود هاتف محمول على أذنه وهو مندمج فى الحديث ومقهقها أو ممكن جدا «بيقول كلام حب»، وهو واثق أنه فى الأغلب لن يجد من يحاسبه أو يعاقبه، كما أنك من النادر – بعيدا عن الميادين الرئيسية – أن تجد رجال مرور ينظمون حركة المشاة والسيارات، والتى تدار بشكل ودى بين الناس وقائدى المركبات.
فى العاصمة تستطيع أن تشترى رغيف «سمين» فجرا أو حذاء جديدا بعد منتصف الليل فلا نظام أو مواعيد للنشاط التجارى، والمحال تستطيع احتلال الأرصفة وربما ما تحت الأرصفة أيضا بدءا من عصر اليوم لأن الموظفين غادروا أماكن عملهم ولا مجال لرقابة أو يحزنون.
فى العاصمة لا تدرى من يسير وأين يسير، فسيارات «الميكروباص» قادرة على اقتحام حياتك حتى وأنت فوق الرصيف «وأصحاب التاكسى يخترقون الصفوف لاصطياد الزبون، أما السيارات الملاكى فتصطف طابورين وأحيانا ثلاثة فى الانتظار غير الرسمى، ووسط كل ذلك يتجول الناس ويسيرون أو يعبرون فيختلط البشر بالحجر بالحديد ولا تدرى أين الرصيف من الأسفلت .
فى القاهرة الكبرى لا تختلف الأمور كثيرا، هو أسلوب واحد حين تزدحم الطرق وتتوقف العربات عن الحركة وتسير ببطء شديد فتكتشف فى النهاية أن السبب غياب الجميع!