
حازم منير
كلبش
فى دراما الأكشن إذا تمكنت من الإفلات من فخ التضخيم والإثارة المفتعلة ومشاهد الخيال ورسم شخصية البطل الذى لا يقهر فقد تمكنت من اجتياز الخطوة الأولى فى مساحة العلاقة مع المتلقى.
اعتقادى أن مسلسل كلبش تمكن وسط المنافسات الرمضانية الصعبة بمهارة عالية من تقديم نموذج البطل الواقعى ونسج مواقف مثيرة وواقعية ولم يسقط أبدًا فى فخ التضخيم ولا إضفاء صفات خيالية على شخصيات العمل.
من الصعب للغاية أن ينجح الجزء الثانى لأى عمل فنى إلا فى أعمال قليلة للغاية، وكان من بين هذه الأ عمال القليلة مسلسل كلبش الذى قدم لاحدث يعايشها الناس ويعانون منها، نجحت أحداث «كلبش» وتتابع قائعها فى زرع المصداقية لدى المشاهد، خصوصا أنها أحداث مثيرة للجدل.
أكثر ما جذب الأنظار فى العمل الدرامى رسم لوحات العمليات الإرهابية دون خجل أو تزييف للواقع، وإنما قدم صورة واقعية وحقيقية لما جرى فى كثير من عمليات الإرهاب.
كان من الممكن أن نشاهد رجال الشرطة وهم يقتلون الإرهابيين ويلقون القبض عليهم، ويتفاخرون بذلك لكنه قدم لنا ما لم نراه لكننا توقعناه فى كل عملية إرهابية.
أعتقد أنها المرة الأولى التى نشاهد فيها حال رجال الشرطة وهم يواجهون الإرهاب، نشاهد مشاعرهم وأحاسيسهم، وتأثير عملهم على عائلاتهم، هى أبعاد إنسانية ظلت مكتوبة ومنقولة حتى تم إخراجها من مستوى الكلمات إلى المعايشة الإنسانية.
مسلسل أكشن نجح فى عرض جوانب خفية كانت مثار جدل خصوصًا فيما يتعلق بأعداد شهداء الهجمات الإرهابية، ورسخ فى الوعى والعقل أن عنصر المفاجأة والمباغتة كفيل بإيقاع ضحايا، وأن الفارق كبير بين الحديث عن مواجهة الإرهابيين وبين مواجهتهم فعليًا وقسوة هذه المواجهات.
لقد نجح العمل الدرامى فى رسم صورة رجل الشرطة بأبعادها الإنسانية الخفية عن أبصارنا وأذهاننا، وقدم نموذجًا واقعيًا يظهر الصرامة والانضباط ويخفى فى داخله مشاعر الود والحب والوفاء والإخلاص للمحيطين به.
كنت أخشى أن تؤدى مشاهد العمليات الإرهابية الناجحة إلى آثار ونتائج سلبية، لكن المعالجة الدرامية فى الحوار وتصاعد الأحداث وتنوع الوقائع حقق المستهدف من العمل وكشف جوانب عديدة ظلت خفية لفترات طويلة.
ومن الجوانب المهمة التى نجح «كلبش» فى إبرازها العلاقة بين المنظمات والجماعات الإجرامية وبين الإرهاب والإرهابيين، لقد عرض المسلسل صورة واضحة وجلية لمنظومة العنف بكل تفاصيلها، وقدم للمشاهد أبعادًا مهمة كثيرًا ما تجادل فى شأنها الناس لكنهم شاهدوها من خلال الشاشة فى صورة واقعية غير مفتعلة ومن دون تضخيم أو تهويل.
مسلسل كلبش ألقى بأعباء جسيمة على كاهل رجال الشرطة، فالصورة الذهنية لرجل الأمن التى رسخها العمل الدرامى فى أذهان الناس تقتضى سلوكًا ملتزمًا ومتميزًا لأفراد الشرطة فى التعامل مع الجمهور داخل المبانى الشرطية أو فى الطريق العام، فالدراما قادرة على رسم شخصيات مؤثرة ويزداد تأثيرها إذا ما تحولت لنماذج حياتية نتعامل معها فى الواقع.
تحية لمسلسل كلبش وكل القائمين عليه.