
صبحي مجاهد
صدقة الفطر .. وفرحة الفقير
مع نهاية شهر رمضان يزداد ترقب الفقراء للحصول على صدقة الفطر، او زكاة الفطر، لكن نرى من يصر على ان يخرج هذه الصدقة حبوب دون النظر لأحتياجات الفقير الحقيقية فى زماننا ... نعم ان الأصل فى زكاة الفطر أن تخرج حبوب لكن الفقهاء والعلماء قالوا بجواز اخراجها نقودا تحقيقا لمصلحة الفقير.
إن المقصد من الزكاة هو تحقيق الكفاية للفقراء، وانهاء حالة الاحتياج التى يعيشونها طوال العام حيث يأتى رمضان وتأتى معه زكاة الفطر لتكون إحدى وسائل التفريج عن الفقير وأسرته، اما الإصرار على اعطاء الفقير أرز او قمح أو تمر فإنه لا يحقق هذا المقصد حاليا بل ان الفقير يبيع ما يحصل عليه من أرز وقمح وغيرهما بثمن أقل من حقهما للحصول على النقود.
إن القول بجواز إخراج زكاة الفطر نقودًا، ليس ببدعة كما يصر بعض مشايخ السلفيين القول بذلك، حيث إن أبو حنيفة وغيره من السلف الصالح على رأسهم أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- الذى سبق أبا حنيفة قال بإخراج زكاة الفطر نقودا، فقد رُوى أنه أمر عامله فى البصرة أن يأخذ من كل إنسان نصف درهم عن صدقة الفطر، وهذا لم يكن مجرد رأى شخصى لعمر بن عبد العزيز، وإنما جعله أمراً عاماً، وأَمَرواليَه أن يأخذ من أهل ذلك البلد نصف درهم على صدقة الفطر.
وقال العلماء أيضا إن الأصل فى الصدقة المال، قال تعالى: «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا» «والمال فى الأصل ما يملك من الذهب أو الفضة، وبيان الرسول - صلى الله عليه وسلم- للمنصوص عليه إنما هو للتيسير ورفع الحرج، لا الحصر الواجب».
كما أن الواجب إغناء الفقير بصدقة الفطر لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «اغنوهم عن المسألة فى مثل هذا اليوم»، و الاغناء يحصل بالقيمة، لأنها أقرب إلى دفع الحاجة»، وأن النبى - صلى الله عليه وسلم- قيد الإغناء بيوم العيد ليعم السرور جميع المؤمنين، ويستوى فيه الغنى والفقير، وهذا المعنى لا يحصل اليوم بإخراج الحب الذى ليس هو طعام الفقراء والناس كافة، ولا فى إمكانهم الانتفاع به ذلك اليوم حتى لو أرادوا اقتياته على خلاف العادة.
إن فرحة لافقير وادخال السرور عليه وعلى اسرته من اعظم القربات التى نتقرب بها إلى الله تعالى، وحاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه، وهو ما يجعلنا ان نقدم ما فيه مصلحة الفقراء.
وكما يؤكد مفتى الجمهورية د. شوقى علام فإن مسألة إخراج زكاة الفطر قيمة مالية أو حبوب من الامور التى لا ينكر المختلف فيها فمن يُنكِر على الناس إخراجهم نقودًا يؤدى إلى البلبلة وزعزعة المستقر فى نفوس المسلمين مما يجعلهم يتساءلون عن حكم ما أخرجوه فى الماضى من زكاة
ولا ينبغى أن يتطوع أحد لمجرد قراءته فى كتب تراثية ليفنى الناس بأنه لا صحة الزكاة الفطر نقودا وأنه لا اجتهاد فيه مع فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه وكما قلنا إن المقصد من إخراج صدقة الفطر هى إغناء الفقير فى يوم العيد وهذا الاغناء لايتحقق مع توزيع الحبوب مصدقة فطر.