السبت 24 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قيمة الإيثار

قيمة الإيثار






الإيثار خلق من الأخلاق الكريمة التى تدل على المروءة، والشهامة، والنبل، والإنسانية، والرقى، فديننا الحنيف يحثنا على الإيثار وسخاء النفس، وينهانا عن كل ألوان الأثرة والأنانية، وقد أثنى القرآن الكريم على الأنصار ووصفهم بهذا الخلق النبيل، فقال سبحانه: “وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”، وأَتَى رَجُل النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائه، فَقُلْنَ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “مَنْ يَضُمُّ هَذَا، أَوْ يُضِيفُ هَذَا ؟ ” فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ : أَنَا، وَانْطَلَقَ بِهِ لَهُ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ : أَكْرِمِى ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )، فَقَالَتْ : مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَانِ ! فَقَالَ: هَيِّئِى طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِى سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِى صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ السِّرَاجَ، فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ فَلَمَّا أَصْبَحَا غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ مِنْ فِعَالِكُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ».
 وفى الصحيحين عن عائشة (رضى الله عنها ) قالت: “جاءتنى مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فِيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التى كانت تريد أن تأكلها بينهما– يعنى شقت التمرة بينهما- تقول عائشة (رضى الله تعالى عنها) : فأعجبنى شأنها، فذكرت الذى صنعت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال:  ” إن الله قد أوجب لها بها الجنة “، ” أو أعتقها بها من النار”.
وعن أنس بن مالك (رضى الله عنه) قال: ” قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبى (صلى الله عليه وسلم) بينه وبين سعد بن الربيع الأنصارى وعند الأنصارى امرأتان فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال بارك الله لك فى أهلك ومالك دلونى على السوق، فأتى السوق فتاجر وبارك الله له حتى صار من أكثر الناس مالاً وبركة.
 ولما حضرت الوفاة سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) قال لابنه عبد الله: ” يا عبد الله بن عمر اذهب إلى أم المؤمنين عائشة (رضى الله عنها) فقل : يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام، ثم سلها أن أدفن مع صاحبى، قالت: كنت أريدها لنفسى فلأوثرنه اليوم على نفسى ”.
 وأعلى درجات الإيثار هو إيثار ما عند الله على الدنيا وما فيها، استجابة لقوله تعالى: ” مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ”فما أحوجنا إلى العودة إلى ديننا وقيمنا والتحلى بهذه الأخلاق الكريمة .