
حازم منير
الأعلى للإعلام ودراما رمضان
ربما هى المرة الأولى التى يضع فيها تقرير رسمى المواطن ضمن أولويات اهتماماته فى تقييمه لأداء وتأثير شاشات التليفزيون على مزاج المشاهد خلال متابعته لطوفان دراما رمضان الذى اعتدنا اجتياحه لمنازلنا كل عام من دون «إحم ولا دستور».
الصديق العزيز الكاتب الصحفى جمال شوقى عضو «الأعلى لتنظيم الإعلام «قال عن تقرير أعدته لجنة الرصد والتقييم: إن التركيز الشديد للإعلانات داخل الأعمال الدرامية وبمدد زمنية كبيرة تسبب فى إصابة المشاهدين بالملل وعزوفهم أحياناً عن المتابعة، كما أفقد المسلسلات بريقها وجاذبيتها عند كثير من المشاهدين.
الرصد دقيق للغاية وتوصيف الحالة أكثر دقة وتأثيرها على المشاهد حقيقة لا جدال فيها فأغلبنا إن لم نكن كلنا نغلق الصوت لحين انتهاء الفاصل الدرامى أونبدل المحطة على أخرى وأحيانا كنا ننسى العودة مجددا من طول الفواصل الإعلانية أو ننسى ما انتهى له المشهد السابق على الفاصل الإعلانى مباشرة.
لكن هناك ثلاث ملاحظات أساسية، الأولى ربما يعتبرها البعض شكلية أو فى الصياغة إنما هى فعليا فى المضمون والجوهر لأن الحديث عن «عكننة» مزاج المشاهد مسألة مختلفة المعايير والتقديرات إنما المؤكد تلبية رغبات كل قطاعات المشاهدين مسألة أساسية وجوهرية لا يختلف عليها اثنان.
المعيار هنا هو التزام الشاشات بدورها المهنى فى توفير الترفيه والتسلية للمشاهد وهو دور كان منقوصا تماما على شاشاتنا بمختلف ملكياتها حيث يمكننا القول: إنها شاشات الأعمال الدرامية وليس التليفزيون بعد أن غاب التنوع وسيطر لون واحد من الترفيه والتسلية فأهدرنا حق المشاهد فى تلقى ما يريد كل حسب «مزاجه» إذا ما كانت الأعمال المعروضة متنوعة.
القصد أن معيار النجاح أو القيام بالدور المطلوب هو مدى التنوع فى تقديم خدمات التسلية والترفيه لتوفير احتياجات «أمزجة» مختلفة من المشاهدين وهو تنوع لا يتحقق بالقطع من خلال أوامر أو توجيهات إنما من خلال طرح رؤى على «أصحاب» القنوات حول الدور المجتمعى المطلوب من الشاشة وكيفية حماية حقوق المشاهد وتوفير متطلباته واحتياجاته. ومن دون إطالة فى هذا الجانب دعونا نتذكر الشاشة المصرية فى رمضانيات الثمانينيات والتسعينيات حتى نتذكر مساحة التنوع الضخمة التى كانت تقدمها للمشاهدين من أعمال الترفيه والتسلية.
الملاحظة الثانية هو حديث التقرير عما أسماه «المشاهد السيئة» فى الأعمال الدرامية والحقيقة من الصعب استخدام هذا المصطلح فى التقييم لتباين المفاهيم إنما هناك مشاهد «تُشجع على الكراهية» أو مشاهد «تنتهك الخصوصية» أو مشاهد «تحض على العنف» وهى كلها قواعد وأكواد يمكن اعتبارها أساسا موضوعيا للتقييم استقرت فى رصد الأعمال الدرامية.
الملاحظة الأخيرة أن كل ما تابعته عن التقرير وما نشرته مواقع صحفية عدة لم يتضمن أى إشارة إلى توصيات أو إجراءات محددة تجاه ما تم رصده من انتهاكات أو خروقات الأعمال الدرامية الرمضانية للقواعد المستقرة ولحقوق المشاهدين وكيفية التعامل معها مستقبلا لمنع تكرارها.
هذه الملاحظات لا تقلل من شأن التقرير بالعكس نحن أمام حالة يجب الترحيب والإشادة بها كوننا ولأول مرة نهتم برصد ما يجرى تمهيدا لتصحيح المسار وتحسين الصورة.
بالمناسبة ماذا سيفعل المجلس بشأن المشهد الداعشى فى نهاية مسلسل «ضد مجهول».