الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«آه لو لعبت يازهر»

«آه لو لعبت يازهر»






انتهى حلمنا فى كأس العالم، وللحق لا أعرف من أين جاء الطموح الكبير بنتائج أفضل فى المونديال، لماذا نسينا أننا صعدنا بصعوبة شديدة، بعد 28 عاما من الإخفاق المتكرر، 28  عاما كان شعارنا فيها «كل 4 سنوات وأنتم طيبون» .
لماذا نسينا أو تناسينا أن الحلم بالوصول إلى نجيلة ملاعب روسيا كاد يضيع فى آخر دقائق مباراة أوغندا، أضعف فرق مجموعتنا؟
من الجيد أن نحتفل بالنجاح، لكن الأكثر أهمية أن نفهم الدروس التى نتعلمها من الفشل، بهذه العبارة، لخص بيل جيتس، فلسفته الخاصة فى النجاح والفشل.
بيل جيتس، بالتأكيد لا يعرف الثقافة المصرية التى تضخم كل شىء، وتحتفل قبل بلوغ الهدف، لا يعرف أننا شعب يحب جلد الذات، نسعى خلف الشىء، ونحلم به، ونحتفل به قبل أن نجتهد ونتعب لتحقيقه.
نسعى خلف الوظيفة، وعندما يتحقق الحلم، نذهب إلى عملنا بتكشيرة تسد عين الشمس، نسعى خلف تكوين الأسرة وننجب 6 أطفال، ولا نفكر فى الغد وكيف سنربيهم، فقط نرفع شعار «كل طفل بيجى برزقه»!
ثقافة الاحتفال المبكر هى التى دفعتنا إلى انتقاد كل شىء، لا شىء يرضينا، احتفلنا بالفوز على روسيا قبل بدء المباراة، وأمطرنا الفريق السعودى «بتريقة» تحتاج لمجلدات لتسجيلها.
وبعد المباراة، جلدنا ذاتنا من جديد، لم نترك لاعبا إلا ونلنا منه، وصل غضبنا ذروته، ولا أدرى سببا لتضخيم الغضب بهذا الشكل، فلم نكن مرشحين مثلا للفوز بكأس العالم، وضاع الحلم، نعم لم نكن فى طريقنا إلى روسيا نتمنى أكثر من مجرد الوصول، فمن رفع سقف الطموحات إلى عنان السماء؟!
هل تضخيم الغضب نتيجة الهزائم والخروج من الدور الأول فعلا؟ أم أن غضبنا كان مجرد حالة من «التنفيس».
غضبنا لأننا كنا نأمل أن يداوى المنتخب جراحنا، ويدخل الفرح والسعادة على قلوبنا، بأداء جيد ونتائج جيدة، ولذلك كان حجم الغضب بحجم خيبة الأمل.
تضخيم حالة الغضب، لا يقل عن تضخيم الحلم، لا بد أن نعترف بأننا شعب يعشق تضخيم كل شىء، أحلامه، غضبه، أمنياته.
حالة من التضخيم، لا تعتمد على أى تفكير منهجى عقلانى، تحلم بالثروة، ولا تطور من إمكانياتك، ولا تريد أن ترهق نفسك فى العمل، تحلم بالنجاح، ولا تفتح كتابا إلا ليلة الامتحان، تحلم بمكانة أفضل فى عملك، ولا تطور من نفسك، ولا تبحث عن دورات تدريب لترتقى وتصل إلى ما تريد، صدقونى لا أمل إلا للمتميزين حقا.
تضخيم الحلم ليس فقط فى الرياضة، كلنا أدمنا حالة التضخيم هذه، ومع كل إخفاق، ليس فى الكرة فقط، نبحث عن شماعة لتعليق الأخطاء، شماعة لا نعلق عليها أبدا السبب الحقيقى لهذا الفشل، لا نريد أن ننظر جيدا فى المرايا لنرى الحقيقة، نبحث عن مرايا تخدعنا، تخدرنا، تظهر لنا مبررات غير حقيقة لما فشلنا فيه.
حالة التضخيم هذه، والعواطف التى تتحكم فى كل شىء، كرسها لفترة طويلة، الإعلام والسينما، والتليفزيون، البطل الذى لا يعمل ومحبوب من الجميع، ويجد حقيبة أموال فى قطار، أو تسقط عليه الثروة من الخال المهاجر للبرازيل من سنوات طويلة ولا يعرف عنه شىء، أو الكارت الذى تخدشه فتكسب سيارة أو شقة، نحتفى بشدة بـ «آه لولعبت يازهر» .
حالة غريبة ومريبة، فبدلا من العمل والاجتهاد وإعلاء قيمة التعب والكفاح، يتم تكريس ثقافة الفهلوة، و«الحظ اللى هيضرب فجأة»، فى عملية تخدير كاملة للمجتمع مستمرة منذ سنوات!
والسؤال الذى يجب أن نبحث له عن إجابة: هل يمكن أن نحقق أحلامنا سواء اقتصادية وعلمية أو اجتماعية أو رياضية، فقط بالتمنى، بلا عمل أو تخطيط، وتعب!