الجمعة 18 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
48 ساعة هزت المنطقة

48 ساعة هزت المنطقة






ما بين 30 يونيو و3 يوليو 48 ساعة مصيرية كانت بحق كفيلة برسم مسار المنطقة العربية كلها وليس فقط حسم مصير مصر  بالإبقاء  أو الإطاحة بحكم المرشد وإرسال مخطط هيمنة الإخوان على المنطقة كلها إلى أتون نار أحرق هذا التصور وقضى عليه قضاء مبرما.
أتذكر لقاء فى منزل السفير الفلسطينى بالعاصمة الأردنية عمان، فاجأنا الرئيس أبومازن ونحن نجالسه بالصمت لفترة وهز رأسه قليلا ثم قال: «الملك عبدالله -  ملك السعودية -  طال عمره قال لى يا أبومازن لو تأخر السيسى قليلا لكنا وأنتم فى حال آخر» ثم استكمل الزعيم الفلسطينى حديثه عن مصر وما جرى فى 30 يونيو وما بعده، متحدثا عن تاريخ جديد فى المنطقة أعاد كتابة مشهد وصفه بأنه « أعادها – المنطقة - إلى مسارها الصحيح».
اللقاء كان دعوة على العشاء من أبومازن فى مقر إقامة السفير الفلسطينى بالأردن قبل ثلاثة أعوام ونصف العام، وتحديداً فى ديسمبر 2014، كنا وقتها نسجل حواراً مع الرئيس الفلسطينى أجراه الإعلامى عمروعبدالحميد الذى جلس على يمين الرئيس وكنت تالياً له، وأمامنا جلس د.صائب عريقات والسيد نبيل أبوردينة ونخبة من معاونى الرئيس ومستشاريه.
دار حوار طويل أثناء العشاء والجميع يعلم أن أحاديث الهامش أهم من التسجيلات الرسمية، واحتلت أحداث ثورة يونيو جزءاً مهماً منه، وكان أبومازن حريصاً على التأكيد أنها ثورة أنقذت المنطقة وغيرت مسارات كان مخططاً لها.
حديث الراحل الملك عبدالله طيب الله ثراه الذى نقله الرئيس أبومازن كشف عن فهم عميق للرجل لما كان يحدث فى مصر وعلاقته بمستقبل المنطقة، وأن ما جرى لم يخص القاهرة وحدها قدر ما ارتبط أيضاً بحماية مناطق أخرى كان مخططاً أن تنضم إلى القافلة وتنهار، لذلك كانت المساندة المطلقة للقاهرة ولثورة يونيو، ليس ارتباطاً بمنافع متبادلة، وليست برؤية استغلال الموقف واحتواء القاهرة تمهيداً لتوظيف عاصمة العرب فى رؤى سياسية محددة، بالعكس كان التقارب والدعم اللا محدود الذى تجاوز العاصمتين إلى دعم إقليمى ودولى بهدف مساندة ثورة فى مسيرتها من أجل حماية الأمن القومى العربى وحماية المملكة ذاتها.
كان مُخططا للمنطقة تصور لتسقط تحت حكم المرشد من غزة إلى تونس ومن سوريا إلى اليمن، كان مخططًا للمنطقة أن تقودها جماعات الإرهاب تحت مسمى الدين والسنة لتقود حربا دينية مع الشيعة، كان مُخططا للمنطقة أن يُعاد تقسيمها إلى دويلات طائفية وقبلية لإعادة رسم خريطة المنطقة خصوصا فى دول منطقة المشرق والخليج العربى وفق تصور جديد ما زال بعضه يتفاعل حتى الآن، لتتبقى فقط دولة إسرائيل المتميزة فى المنطقة بقدراتها المؤسساتية والتكنولوجيا والعسكرية .
على مدار سنوات خمس وحتى الآن ما زال الأمن القومى الإقليمى مهددا، وما زالت محاولات استعادة مخطط إسقاط الدول المدنية وإعلان دولة الإرهاب مستمرا بأشكال وأدوات مختلفة وبهدف واحد لا يحيد المخططون الدوليون وعملاؤهم الإقليميون والمحليون عنه.
نعم صح ما قاله الراحل عاهل المملكة السعودية عبدالله بن عبدالعزيز طيب الله ثراه للرئيس أبومازن لو تأخر السيسى قليلًا لكنا وأنتم – الفلسطينيون - فى حال آخر.
هذا قليل القليل مما أنجزته ثورة شعب فى 30 يونيو واستجابة الجيش لها فى 3 يوليو، فعلا 48 ساعة أنقذت المنطقة مما كان يحاك لها.