الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الإحباط»

«الإحباط»






مبسوط من إللى احنا فيه، نستاهل أكتر من كده، هو إحنا وش كأس العالم، ولا لينا فى الكرة أصلا، جملة بسيطة جدا، يبدأ بها شخص عادى بجوارك على القهوة، أو فى الأتوبيس، أو بيبيع لك أى حاجة فى السوبر ماركت، يدخل منها على الأوضاع الاقتصادية، والأسعار والغلاء، ويردد نفس الجملة، نستاهل أكتر من كده والله.
جملة عادية لكن مليئة بالإحباط، فى ثوانى يصدر لك طاقة سلبية تكفيك أسبوعا كاملا.
 الجملة العادية البسيطة فى صورتها الأولى، نوع من الحرب، أيوه حرب حقيقية، تقف وراءها أجهزة مخابرات وعلماء نفس واجتماع سياسى ودول كاملة.
 نشر الإحباط هدف فى حد ذاته يتم وفق عمل مخطط مُحكم نهايته نشر الفوضى والتشكيك ونزع الثقة فى أجهزة الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية، ومهاجمة القرارات التى تصدر بهدف زرع الإحباط لدى شريحة كبيرة من الناس، وهذا الهدف شغال عليه ناس فى المواصلات والقهاوى والشارع، وبالتأكيد على  مواقع التواصل الاجتماعى.
 جمل واحدة متشابهة، مثل ««فاتورة الكهربا جاتلنا 8029ج عشان أمى تقريبًا نسيت تقفل المفاعل النووى الـلى تحت الحوض» ويبدأ نشرها على نطاق واسع، ولا أحد يسأل نفسه عن صاحب المشكلة الرئيسية.. من صاحب هذه الفاتورة ؟
 وتحت قيادة فنية واحدة وبمشاركات مترابطة، تنتشر بسرعة شديدة، وحتى لا ينتبه الكثيرون أن نفس الفاتورة ونفس الأم تظهر على صفحات مختلفة بأسماء مختلفة، ما يعنى أن خلفها تقف منظمات أو جهات ما، وأنها تمت لهدف واحد فقدان الأمل.
 الإحباط أحد مواضيع علم النفس ويعرّفه المختصون بأنه «حالة نفسية تحدث نتيجة عدم إشباع الفرد لرغباته», والرغبات هنا من الممكن أن تكون غير موجودة أصلا أو مستحيلة التحقيق.
 وبالتالى يصبح لدى المجتمع رغبات غير مشبعة ما يؤدى به إلى حالة من الإحباط الجماعى.
 وما خطورة هذا الإحباط الجماعى؟
المتخصصون فى علم النفس والاجتماع يجيبون عن السؤال: «من أهم الخصائص النفسية المصاحبة للإحباط هى جعل الفرد مهيأ للعدوان، ولكنه لا يصل إلى العدوان الفعلى، إلا إذا توافرت عوامل محرضة وموجهة».
  إذن فالإحباط لا يكتفى بجعل الشخص يشعر بنوع من الاستياء فقط، بل ويجعله مهيئا لتحويل هذا الشعور إلى سلوك عدوانى نتيجة تراكمات الإحباط، والسلوك العدوانى سلوك موجه بهدف الإيذاء.. من الممكن أن يكون «لفظيا، نفسيا، جسديا»  تغريدة فى تويتر، أو بوست على فيس بوك، قد يصل بك إلى هذه الحالة؟
يحولك إلى  شخص سلبى يعادى وطنه، ويدخلك إلى ما  يسمى بــ «تجييش وتحريض المواطن» وهذه وحدها كفيلة بهدم الوطن، تتحول ببساطة إلى عدو لبلدك، حرب بالوكالة لا يتم فيه إطلاق رصاصة واحدة، مجرد أن تصل إلى هذه الحالة، لن يكون هناك داع للمزيد، وحدك ستتكفل بالقضاء على بلدك!
 الهدف إذن من نشر الإحباط، هو الوصول إلى الإحباط الجماعى، وهى بداية التطرف، كما يقول إريك هوفر فى كتابه الرائع الصادر فى خمسينيات القرن الماضى «المؤمن الصادق» الذى قام بترجمته الدكتور غازى القصيبى الشاعر والأديب والسفير والدبلوماسى والوزير السعودى الراحل عن دنيانا فى 2010.
إيريك هوفر فى هذا الكتاب يرى أن الإحباط والمحبطين هم اللبنات الأولى للتطرف بكل اتجاهاته.
 الإحباط أرض خصبة للتطرف، ويحتاج منا لوقفة حقيقية، والحل فى إيجاد جهاز ما أو فريق عمل متخصص، قادر على التصدى للحرب النفسية الدائرة ليل نهار.
 فريق قادر على تقديم معلومات حقيقية، الرد بأسلوب علمى، على الشائعات، والوقوف فى وجه الإحباط.
 فريق مؤمن بأن الحرب النفسية، قادرة على حسم المعارك كلها، ضد الإرهاب والفساد والتدنى فى الأخلاق والذوق العام.