الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أربعة فى مهمة «هزلية»!

أربعة فى مهمة «هزلية»!






يستهوينى فقط اللعب مع الكبار.. أجد فى نزالهم متعة تحفظ الأقدار، وتصون المكانة.. لكنها الظروف التى تدفعك للنزول من عليائك لتقرر اللعب مرة مع الصغار.. عن أولئك المرجفين ومناضلى الفراغ أتحدث، عن هؤلاء المرجفين نتكلم، الذين لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خَبَالا!
 عادة ما يضطرنا الأصاغر إلى الحديث عن البديهيات، عادة ما يجبرنا العاطلون إلى إعادة اختراع العجلة، لا لشيء سوى لأنهم قرروا قضاء أعمارهم فى حالة نضال وهمية نجحوا فى توريثها لأجيال متعاقبة، انجرفت نحو حالة صراع من أجل حجز مكان فى منظومة الفراغ التى تورطوا فيها، ولم يعد بإمكانهم الفكاك منها.
الآن نتحدث عن مشروع قانون الصحافة الذى انتهت مناقشاته فى البرلمان مؤخرا، وما أن خرجت تلك المناقشات إلى الرأى العام حتى خرجت علينا جماعات الاحتلال النقابى لتزايد به على عموم الدولة المصرية لا لشيء سوى أنهم وجدوا فرصة سانحة للعودة لحالة «التسالي» النقابية التى احترفوا ممارستها.
خرجت علينا تلك الجماعة دون أن تقرأ مواد مشروع هذا القانون ودون أن تعرض عرضا منطقيا لأوجه الاعتراض أو حتى دون قدرة على تقديم مشروع قانون بديل.
لكن خروجهم هذه المرة كان محدد الأهداف التى يمكن أن نوجزها فى الآتى:
- انتهاز الفرصة لخلق معركة وهمية تمكنهم من العودة المجانية للمشهد النقابى.
- الاستعداد المبكر لمعركة الانتخابات النقابية.
- انتهاز الفرصة لمحاولة الانتقام من الدولة التى طبقت القانون من قبل ورفضت أن تكون النقابة ملاذا للهاربين.
- خلق فرص جديدة لمعاودة التواصل مع الإعلام الأجنبى والعودة إلى الأبواب الخلفية للسفارات.
- توجيه رسالة للدولة أن هناك جماعات داخلية يمكنها ممارسة ضغوط مؤثرة.
كالعادة هذا العمل يتم  تحت غطاء المزايدة بشعارات الحريات الصحفية من أجل إضفاء صفة من الجدية على هذا العبث الذى يدار من أعلى طاولات المقاهى!
 أحد قادة حركة النضال الوهمى عضو مجلس نقابة سابق اعتاد أن يحيط نفسه بحالة نضالية مصطنعة لعلها تحصنه من أى إجراء قد تتخذه الدولة ضده إذا ما تبين فساده، وانكشف أمره فى الاتجار غير المشروع بأراضى المليون ونصف  المليون فدان، التى طرحتها الدولة لصغار الفلاحين، تخيل ما وصلت إليه حالة ابتذال العمل النقابى والسياسى التى صارت تُمارس بأداء تمثيلى من أجل التمويه على ممارسات الفساد.
 عضو آخر يحاول أن يظهر كصوت عقل لا لشيء سوى أنه يبدو قد تعلم من درس سابق بعد أن تيقن أن دولة ٣٠ يونيو لا تخضع للابتزازات، لكن المدهش أن هذا المناضل الذى لم يمارس الصحافة يوما فتح فيلته فى القاهرة الجديدة مكانا لاجتماع حوارييه حتى لا ترصد الأعين تفاصيل ألاعيبهم الراغبة فى الالتفاف حول مشروع القانون، ليفرض السؤال نفسه: لماذا تتم اللقاءات فى الخفاء إذا كانت مناقشاتها مشروعة؟! لماذا تكون مقصورة على أرباب تيار فكرى واحد إذا كانت تستهدف صالح المهنة بكل أطيافها؟!
 ثالثهم: عضو مجلس نقابة حالى لم يحرك ساكنا عندما تم فصل زملائه من جريدته المحسوبة على الإخوان، والتى ما زالت تتراكم مديونياتها المستحقة لمطابع مؤسسة الأهرام العريقة، واليوم يتحدث عن حقوق الزملاء فى المؤسسات القومية، فلتتحدث أولا مع ولى نعمتك ومالك جريدتك ليدفع حقوق الأهرام التى هى أصلا حقوق الزملاء الذين تدعى الدفاع عنهم.
 بينما ينضم لهم عضو حالى آخر لا يكف عن ممارسة الفراغ الممنهج بعد أن انتقل إلى سكن إحدى الفيلات فى ضواحى أكتوبر بعد حوار أجراه مع الهارب صاحب العبارة الغارقة، ورغم ذلك يفضّل النوم فى مكتبه بالنقابة لأن أصوات الضحايا  ممن غرقوا وصرخاتهم ما زالت تطارده كل ليلة فتقض مضجعه، حول الفراغ تجمع الرباعى رافعين شعار «أربعة فى مهمة هزلية» لن تنتهى بهم إلا فى سيرك المهنة!
تأكد أن أحدا منهم لا يملك أى رؤية لأى قانون بعد أن فشلوا جميعهم فى إدارة ذواتهم، حتى إنهم راحوا يتحدثون عن انتقاد مواد غير موجودة فى القانون، وطالبوا بإلغاء مواد أخرى دون أن يعلموا أنها تطبيق لنص الدستور الذى وضعته لجنة الخمسين التى ضمت أعضاء ينتمى غالبيتهم لنفس تيارهم الفكرى!
ثم تأكد أنهم يتعاملون مع مشروع القانون باعتباره مشروعا لإعادة إحيائهم بعد أن فقدوا أدوارهم بعد الانتخابات النقابية، التى فاز فيها عبدالمحسن سلامة، ثم فقدوا مبرر وجودهم السياسى بعد الانتخابات الرئاسية التى قال فيها تيار الدولة المصرية كلمة الفصل، فجاءت فرصة معارضة مشروع القانون لتصفية الحسابات مع الدولة، التى سبق أن طبقت عليهم القانون بعد أن ثبت إيواؤهم للهاربين من العدالة التى أصدرت أحكامها النهائية ضدهم.
عموم الحالة لديهم هى الرغبة فى عدم الاحتكام لأى قانون لأنهم يعلمون أن شهواتهم السياسية ستدفعهم لمخالفة ذلك القانون، فيتخذون من أهوائهم آلهة ثم يدعون الدولة لعبادتها!
   المرجفون ومحترفو الاستثمار فى الفراغ لا يكفون عن حديث الإفك حول القانون، سيقفون  على سلم النقابة حاملين أقلامهم التى جفت أحبارها داخلها بعد أن مرت عليها الشهور والسنوات دون أن تعرف طريقا لخبر أو لمقال.
هل من بينهم من يجرؤ أن يخبرنا كم تربح حتى الآن من حصيلة ظهوره على القنوات الأجنبية لانتقاد قانون لم يقرأ بنوده؟!
سيقولون إن القانون يتيح للدولة حبس الصحفيين رجما بالغيب، ليكشفوا جهلهم بالدستور، لو أنهم قرأوا مادته رقم ٧١ لصبوا غضبهم على أبناء تيارهم من أعضاء لجنة الخمسين.
سيقولون إن القانون ألغى المادة الخاصة بمكافأة نهاية الخدمة، وهى التى لم تكن منصوصة فى أى قانون سابق، ويضمنها القانون الجديد.
   المتربحون من آلام زملائهم والمتاجرون بأحلامهم عليهم الآن أن يعرضوا علينا مشروع قانون بديل يحقق سخاءً ورخاءً وفقا لأوهامهم، عليهم أن يتقدموا بمشروع قانون عاجل لا يتعارض مع الدستور الذى صاغه أربابهم من زملاء التيار الواحد، فإذا لم يجدوا مبتغاهم فى دستورهم، فليمتلكوا الشجاعة ويعلنوا ضرورة تعديل هذا الدستور، وليتحول نشاطهم المحموم لوقفات أمام البرلمان لتعديل هذا الدستور.
فإذا عجزوا عن الصياغات المحكمة فليتواروا عن المشهد ويعودوا إلى مقاهيهم وليتركوا القانون لرجال القانون.
   الآن توضع مسودة القانون أمام البرلمان المنتخب باسم الشعب، بعدما سيتم استيفاء صياغاته بمعرفة مجلس الدولة، ليدرك الغافلون أن مواده لم تصغ أبدًا عن أهواء أو مصالح ضيقة، بل تمت داخل مؤسسات لدولة قوية، فإذا كان المطالبون بدولة القانون والمؤسسات لا يقوون على التزاماتها فليتركوا أمر الدولة لرجال الدولة.
الآن يطل علينا هؤلاء بعد أن استهلكوا بضاعتهم ليواصلوا عمليات الالتفاف حول الذات لم يعد أمامهم سوى المجاهرة، بأنهم طالما أرادوها دولة بلا قانون وأهواء بلا دولة.