الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«أولاد الأصول»

«أولاد الأصول»






فخور بكفاح أمى، وكنت بساعدها فى بيع الأنابيب.. أنا ابن بائعة الأنابيب، بهذه الكلمات البسيطة أطلق محمود محمد بديوى، الحاصل على المركز الرابع فى الثانوية لعام 2018، طلقاته التى كشفت عوراتنا جميعا.
الشاب المكافح ابن الأصول، وجدها فرصة ليخرج كل ما فى صدره، لينتقم بشرف من كل من أهانوه، محمد انتقم من مجتمع به خلل حقيقى وواضح، ولا أحد يريد أن يعترف به، مجتمع يزن الناس بالفلوس والمظهر، عملية التقييم تتم حسب مظهرك ونوع الحذاء الذى ترتديه، نوع الساعة فى يدك، الملابس «السينييه»
محمد  هو أحد أبناء سيدة بسيطة من كفر الشيخ، توفى زوجها قبل 14 عاماً، ومثل كل المصريات المكافحات بشرف، بحثت عن طريقة لتساعد أسرتها وعملت فى بيع أنابيب الغاز على عربة كارو.
محمد صرخ فى وجهنا جميعا بعد إعلان  أسماء أوائل الثانوية العامة، ووقف يقول: أثناء الدراسة كنت أساعد والدتى فى عملها، وأبيع معها الأنابيب فى قريتى والقرى المجاورة؛ كى أتمكن من تدبير نفقاتى.
 كانت مديرة المدرسة تطردنى وتحرجنى لعدم ارتدائى الزى المدرسى، لكنها لا تعلم ظروفى المادية الصعبة.
محمد ببساطة قال هدفه الأول من التفوق الدراسى كان إسعاد والدته: «ربنا وفقنى وحققت حلمها».
قصة محمد نموذج للأمل فى غد أفضل، نموذج للجدية والعمل والتفوق، نموذج يقف فى وجه ثقافة الفهلوة، والغش، والبحث عن مدرسة فى الصعيد، بها لجنة معروف عنها التساهل فى المراقبة.
محمد نموذج يجب أن نقدمه فى إعلامنا، ونحكى قصته كل يوم، ليس من باب ابن بائعة الأنابيب والتعليقات السخيفة التى انتشرت على السوشيال ميديا، ولكن من باب، كيف تجتهد وتنجح، وتتحدى ظروفك، وتعلم أن التفوق والنجاح، طريقك لتغيير حياتك، اعمل واجتهد، وكل شىء سيأتى إليك وستحقق ما تريد.
هذا هو ما يجب أن نتحدث عنه فى حكاية محمد المؤثرة جدا، وفى الوقت نفسه يجب ألا ننسى أو نتعامل بمنطق عفا الله عما سلف، مع مديرة المدرسة، والتى من المفترض أنها مسئولة عن أجيال كاملة، المديرة التى كانت تتعمد إحراج محمد وتطرده لعدم التزامه بالزى المدرسى، لا تصلح أن تكون مربية، ومعلمة.
المديرة التى رأت طالبا لديها يكرر نفس الفعل، ولا يلتزم بالزى المدرسى، ويتحمل سخافاتها، ولم تفكر فى السبب، لم ترهق ذهنها فى سر عدم التزامه، لم تكلف حتى الاخصائيين الاجتماعيين فى المدرسة بدراسة حالته، والوقوف إلى جواره ومساندته بدلا من السخرية منه.
هذه المديرة يجب ألا تستمر فى موقعها، فإذا كان محمد تحمل الطرد والإحراج، فالأكيد أن هناك اخرين فى المدرسة لم يتحملوا، وكانت هذه المديرة سببا مباشرا فى فشلهم الدراسى.
 بالمناسبة محمد وما حدث معه فى السوشيال ميديا، ليس سابقة فى حد ذاتها،  فاكرين مريم «بنت الأصول أيضا» مريم فتح الباب، الحاصلة على المركز الأول بالثانوية لعام 2017، فاكرين سخافات التعليق على عمل والدها.
وقتها أيضا لم نلتفت إلى تحديها  ظروف معيشتها  الصعبة لم نحتف بحصولها على 99% فى الثانوية. اهتمامنا انصب على مهنة والدها، ومذاكرتها فى «جراج» العقار الذى يعمل به، وتسابقت القنوات على استضافتها، وتصوير الغرفة الوحيدة التى تعيش بها مع والدها ووالدتها و6 أخوات أصغر منها.
«أولاد الأصول» هم أوائل الثانوية العامة الذين تحدوا ظروفهم الصعبة، وهم المستقبل الحقيقى لهذا البلد.
 أبناء التعليم الحكومى، حصلوا على المراكز الأولى فى الثانوية العامة، 43 طالبًا وطالبة، خرجوا من المدارس الحكومية، مقابل 5 طلاب وطالبات من المدارس الخاصة.
صدقونى «أبناء الأصول» هم المستقبل