الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«جثة ديالا»

«جثة ديالا»






لا أهتم اطلاقا بمن تزوج، ومن طلق، ولا تثيرنى فضائح  السوشيال ميديا.. لا أفكر فيها، ولا أتابعها، وأرى أن من يهتم بهذه الأمور، هم من أصحاب العقول الفارغة.
كل إنسان حر.. وحريته تتوقف تماما عندما تبدأ حرية الآخرين.. ومن هذا المنطلق لم أتابع، ولم أهتم بقضية الطفلة «ديالا» ونسبها إلى الفنان الشهير عادل السيوى، فالأمر منظور فى المحاكم، وهى وحدها – المحكمة – القادرة على حسم مثل تلك القضايا.
 ديالا من الأسماء الجميلة ويعنى الرائحة الذكية، أو الوردة الجميلة، لكن نحن ببساطة، وبطريقة مصمصة الشفاه، والتشفى أحيانا، وعشق البحث عن الفضائح، قتلنا الوردة الجميلة مبكرا.
نعم قتلنا «ديالا» بنشر صورها فى الصحف، ومناقشة قضيتها فى برامج التوك شو، على أمل المزيد من نسب المشاهدة، والمزيد من الإعلانات، حتى لو جاءت هذه الإعلانات على جثة «ديالا».
شد وجذب، وبيانات من هنا، وبيانات من هناك، لا تراعى خصوصية القضية، الأم بدأت الحكاية بصورة على مواقع التواصل الاجتماعى، لها مع ابنتها، وقالت إنها ابنة الفنان عادل السيوى، الأم لم تراع أن البنت ستكبر، وستظل الفضيحة ملتصقة بها طوال عمرها، سواء ثبت نسبها للسيوى، أو لم تنسب له، النتيجة واحدة بالنسبة للصغيرة» ديالا»، المزيد والمزيد من الفضائح.
ماكينة السوشيال ميديا، وبرامج التوك الشو المتعطشة دائما للمزيد من الإثارة والفضائح، التقطت الحكاية، وبات الأمر أشبه بالغابة، لا قانون ولا محاكم، الكل يدلى برأيه الكل أصبح وكلاء للنائب العام وقضاة، يصدرون أحكاما ويؤكدون أنهم على صواب!
القضية تحولت من أمر شديد الخصوصية، وحدها المحاكم تستطيع الفصل فيه إلى فقرة فى برامج التوك شو والصحف!
«ديالا» ليست حالة فردية، لدينا فى المحاكم 11 ألف «ديالا» ينتظرون الحكم فى  قضية إثبات النسب، والقضية قد تستغرق أعوام، والخاسر الوحيد هى «ديالا».
أغلب دعاوى إثبات النسب ترتبط بحالات زواج عرفى، أو سرى، بعد إنكار الأب للأطفال من تلك الزيجات.
وفى حالتنا هذه «ديالا» تخسر أكثر، لا لشىء سوى أن أحد طرفى القضية من المشاهير، وهو الأمر نفسه الذى تكرر فى قضية أحمد الفيشاوى مع هند الحناوى، وزينة وأحمد عز.
نشرنا صور ديالا، ولم نراع حقها، شهرنا بها مبكرا وهى صغيرة لا تعرف شيئا، وسيظل تشهيرنا بها علامة فارقة فى حياتها.
 بالمناسبة فى عدد من الدول الأوروبية يضطر الإعلام للتعامل مع المتهمين - لا حظ المتهمين - إلى اللجوء للرسوم الكاريكاتيرية والرمزية خلال المحاكمات، لتفادى الآثار المترتبة على نشر الصور الحقيقية وحتى لا تؤثر تلك الصور فى حياتهم  بعد ذلك.
وإذا كان القانون، فى حالة الأطفال المولودين دون زواج قد قرر تسجيلهم باسم الأم ويختار السجل المدنى اسم الأب، ويقيد الطفل وفق «كود» لا يعرفه إلا السجل المدنى، يفيد بأن الطفل مجهول نسبه، حتى يتمكن من الحصول على شهادة ميلاد تتيح له الحصول على التطعيمات، والانتظام فى الدراسة، لكنه لا يتمتع بأى حقوق أخرى من نفقة أو ميراث أو معاش لأبيه، لحين إثبات النسب.
فعلى القانون، والمجتمع، العمل على تطوير التشريعات، لتحقيق ضمانات أكثر للأطفال فى مثل هذه القضايا، ضمانات ملزمة لكل الأطراف، بعدم تناول تفاصيل أو صور مثل هذه الحالات، وأن تظل سرية فى المحاكم، وحتى صدور حكم بات ونهائى.
القائمون على التشريع ورجال القانون، عليهم التحرك سريعا، لتبقى مثل تلك القضايا بين جدران محكمة الأسرة، حماية للأطفال أولا وقبل كل شىء، فالتفاصيل التى باتت مشاعا، والصور التى يتم نشرها بحجة التعاطف، أو البحث عن رأى عام، أو المزيد من المشاهدة والإعلانات وتوزيع الصحف، ستظل تطارد هؤلاء الأطفال كالكابوس، وستظل نقطة حالكة السواد تنغص عليهم حياتهم طوال العمر.