الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحرب العالمية الثالثة!

الحرب العالمية الثالثة!






«والشعراء يتبعهم الغاوون» هكذا قال المولى عز وجل، تماما كما يحدث مع مطلقى الشائعات لا يتبعهم إلا الضالون المغيبون والمغيبون، إياك أن تعتقد أن إطلاق الشائعة هو عمل فردى من طرف واحد بل عمل جماعى لا يأتى مفعوله إلا عندما يستقبله الطرف المستهدف ويقبله ويتعامل معه، لكن هذا القبول لا يمكن أن يتم إلا إذا كان المستقبل مغرضا أو جاهلا أو مدمنا على الأوهام، فى جميع الأحوال المستقبل هو شريك فى الجريمة وهو المستهلك الحقيقى لتلك الأكاذيب والسبب الرئيسى لرواج أسواق الباطل!
إذا كنت ممن يتعامل مع تلك الشائعات كمسكن مؤقت أو على سبيل مكايدة الدولة فلتذهب فورًا إلى طبيبك النفسى، من يطلق الشائعة لا يستهدف فقط العمل التخريبى بل يهدف إلى قياس درجة وعى الشعوب وعلاقتها بأوطانها ومدى قابليتها للاختراق الخارجى.. يقينا الشائعة لا تجد لها صدى إلا فى مجتمعات تشيع فيها أنماط التفكير الخرافى والتفكير بالتمنى، يقينا من يتعامل مع الشائعة يرتكب جريمة متكاملة الأركان.
 ٢١ ألف شائعة خلال ثلاثة أشهر استهدفت مصر والمصريين، نحن أمام آلة شر ليس لها هدف إلا الشعب المصرى، لكن هذه الآلة لم يكن لها أن تستمر فى إنتاج سمومها لولا أنها وجدت نهما فى استهلاك بضاعتها الفاسدة فزادها إصرارا على رفع معدلات إنتاجها ما دام زبونها جاهزا لإيذاء نفسه بنفسه.
تخيل أن تجد مثل تلك الخرافات مكانا أمينا لها فى وعى شعب صاحب حضارة عريقة، تخيل أن يفشل تنظيم دولى فى الانتصار على شعب بإرهابه وجرائمه فيمكنه هذا الشعب من مخططه بالكذب والخداع والتضليل.
فى كل مرة يتم إطلاق شائعة لا تستهدف النظام بقدر ما تستهدف تعكير صفو مزاج المواطن المصرى أو إرباكه، حتى وصل الأمر إلى نوع من الشائعات يستهين بوعى وعقل هذا المواطن، لكن المدهش أن يلدغ المصرى من نفس الجحر عشرات المرات!
 تخيل أن من يطلق هذه الشائعات يراهن بأريحية على شيوع سلوك القطيع لدى شعب خرج بثورة سلمية لإسقاط تنظيم هو أساسا لا يعرف إلا سلوك القطعان، فهل يصح أن تفرض هذه القطعان إرادة أوهامها على الشعب الثائر من أجل هويته
 ووعيه وكرامته؟!
تخيل أن يفشل هذا التنظيم فى الاستيلاء على الدولة المصرية فى ظل وعى أسطورى لشعبها، فيقرر أن يستولى عليها بعد أن يضع هذا الشعب تحت تأثير مخدر شائعاته التى وصلت إلى حد استهداف قوت يومه!
المدهش أن تجد إعلاميين وصحفيين وقادة للرأى يدعون الاحتراف، بينما ينجرفون وراء تلك الشائعات ويساهمون فى ترويجها خاصة إذا ما صادفت هوى لدى أحدهم دون «أى إعمال للعقل فى الخبر»، لنكون بذلك أمام جريمة مركبة مصحوبة بظرف مشدد «ظرف ادعاء الاحترافية» الذى يستوجب عقوبة مشددة.
يساندهم فى جريمتهم بالمساهمة بالاتفاق والمساعدة والاشتراك نَفَر من النخبة لا يتورع عن ترويج الأكاذيب كحقائق دامغة لبعض مريديه المنخدعين لا لشىء إلا لكى يمارس خداعه بأنه على اتصال بدوائر المعلومات العليا أو بمصادر الأخبار الرفيعة.
بينما يمارس فصيل ثالث أشد خطورة جريمته مع سبق الإصرار والترصد لصالح مجموعات من رجال الأعمال وسماسرة البورصة.
 فى أغلب الأحوال يتم إطلاق الشائعة بهدف قياس درجة وعى المجتمع وتحديد مواطن اختراقه، وبذلك فإنك فى كل مرة تساهم فى ترويج هذه الشائعة بالإنصات إليها دون دحضها أو بترويجها عن جهل أو عن عمد فإنك تقدم لعدوك وعدو وطنك شيكا على البياض، فتصبح أنت وحياتك ومستقبلك رهنا لإشارة أكاذيبه، لا لشىء سوى أنك رفضت إعمال عقلك أو اتخذت إلهك هواك!
تخيل عندما يتم تحويلك إلى أداة بشرية تحمل أسفارًا أينما توجهها لا تأتى بخير لمجرد أنك لا تريد أن تعمل عقلك بإرادتك، والأكثر إدهاشا حالة الاستمتاع بترويج الشائعات السلبية فقط كما لو كانت رغبة حميمة فى تعذيب النفس والغير.
الآن حاول أن تستمع إلى شىء من الحقيقة حاول أن تتذكر ما قاله الرئيس مرارا وتكرارا عن حروب الجيل الثالث ومن بعدها الجيل الرابع، حاول أن تدرك أن عملية احتلال بغيضة لعقلك ووعيك تتم الآن على قدم وساق لا يقابلها منك إلا حالة استسلام تامة.
 ليس المطلوب سوى أن تنجح عملية الاحتلال العقلى لترتكز على كامل مساحته الإدراكية قواعد الكذب والخرافات والتدليس، ومن بعدها ستتولى تحت تأثير الغيبوبة تدمير نفسك ومستقبل أبنائك، لكن لن يسمح لك بتدمير وطن بأكمله، تأكد أن الدولة ستواليك بجرعات مكثفة من الحق والحقيقة حتى وإن تضررت من آلامها.
إذا كنت لا ترغب فى مواجهة الحقيقة فلتعلم أنها ستفرض عليك ولو لم تأت على هواك، لن تقف الدولة مكتوفة الأيدى أمام حالة الكذب والتكاذب - تبادل الكذب إن جاز التعبير - إذا كنت لا ترغب فى مواجهة الحقيقة فلتعلم أنها ستواجهك.
من أوهمك أن بناء الدول ليس عملا شاقا مضنيا يحتاج لتضحيات جسيمة؟! ما قيمة معاناتك أمام الشعب اليابانى الذى ضرب بالقنابل النووية؟! هل صدمتك الحقيقة؟!
إليك حقيقة أخرى وهى أن استمتاعك بالشائعات هو سبيل للهروب من العمل ومن المسئولية من خلال محاولة نشر حالة ممنهجة من الهزل لا تلزمك بأى مسئوليات فتجد لنفسك ولمن حولك مبررا لعدم الجدية، من أقنعك أنك آخر شخص مسئول عن أحوالك البائسة وأنك لابد أن تنتظر العناية الإلهية لإنقاذك أو تنتظر الدولة، تأكد أنها الشائعة الحقيقية الوحيدة فى حياتك وأضف إليها أن انتظارك سيطول.
فإذا كانت الشائعة هى كل خبر مجهول المصدر وليس معه دليل على صحته، فلماذا تصر على أن تظل أسيرا لهذا المجهول؟ هل لأنك لا تقوى على مواجهة المعلوم أم لا ترغب؟!
مصر لم تكن ولن تكون أبدا وطنا مبنيا للمجهول أو عليه بل معلوم من الإقليم والتاريخ والحاضر والمستقبل بالضرورة.
 تأكد أنك سبب رئيسى فى انتشار الشائعة لا لشىء سوى أنك خضعت لكسلك ورفضت بذل أى مجهود للتثبت من صحتها، فلما تأتى الدولة لتقدم لك الحقائق نراك منزعجا كمن منعت عنه جرعة مخدره الواجبة.
حتما ستواجهك الحقيقة ولا تنسى أو تتناسى أن التولى يوم الزحف من الكبائر، فما بالك أن تقدم لعدوك وعدو وطنك مساحات من الوعى المستباح يعربد فيها بأكاذيبه كيفما شاء وقتما شاء.                
لكن تذكر جيدا أن مصر وطن الحقيقة لا السراب، حاول أن تنجو بنفسك من أجل نفسك قبل أن تجد نفسك غارقا فى أوهامها لا تستطيع أن تفارقها، بينما وطنك قد سطعت عليه شمس الحقيقة، فقط ارجع إلى عقلك فإذا ضللت الطريق نحوه فتأكد أنك أصبحت خارج مناط التكليف.