
رشدي أباظة
«حلا» وانتحارى مسطرد.. أشقاء!
بين منتحر مسطرد. أمام كنيسة العذراء. والفنانة حلا شيحة صلة قرابة. عائلية. المنتحر ذهب للموت. حلا عائدة من الموت. فارقت الموت الذى راح إليه شقيقها السابق. منتحر العدرا. التطرف الذى جعل منهما أقرباء وأشقاء. عائلة تؤمن بعداوة الحياة. وكراهية البشر. يدعون حب الله ويكرهون البشر.
ما الذى يجعل شابًا فى عمر الزهور يقتل نفسه أعلى كوبرى. ترى أحشاؤه الشمس. ما الذى يجعل شابة ترفس فى النعم أن تغتال حريتها. وتقهر عقلها. توارى وجهًا خلف حجاب. الحجاب فرض لمن يؤمن به. فقط. إيمانك به شرط الفرض. ليس فرضًا على أحد. الاختيار ذروة سنام الإسلام. اختار الله للإنسان الحرية واختار البعض الرق والعبودية. أن يكون عبدا أسيرا.
ذهبت حلا لحياة التطرف كما ذهب منتحر العدرا. عادت هى وذهب هو. لقد أبدع التطرف فى القتل. قتل كل شىء. قتل الفنانة حلا كما قتل شاب المسطرد. حلا التى تربت على الفنون والآداب والبكينى. انتقلت إلى الظلامية والتجهم والنقاب. حلا والشاب كلاهما مضطرب. مضطرب نفسيًا.
لم يكن أيهما معتدلا. لم يكن ارتداء البكينى اعتدالا أو النقاب. الشاب المنتحر الذى قدم من حى الزاوية وأفنى عمره بين مشايخ الزوايا معتدلا. أكثر من عشر سنوات لم تؤثر على فكر حلا شيحة. وعادت إلى أصل هويتها المستمدة من هوية مصرية أصيلة. متشبعة بالفن والثقافة والإبداع. طاردة للانغلاق والغلظة. طيور الظلام هم صناع الظلام ومنتجو الإظلام. عداؤهم للفن ليس بسبب الفن مجردًا. لكن لأن الفن يرتقى بالوجدان فيجعله غير قابل للانجذاب نحو أفكارهم القاتلة. أفكارهم القاتلة التى أودت بالمنتحر إلى سبيله الآن. أعادت الفنون والثقافة حلا للحياة. لكنها لم تعد الشاب. لم يذق طعم المحبة التى حرموه منها. محبة تجعل منه إنسانا رحيما يعود بعد بدء.
عودة حلا تقول إن الفكره المتطرفة لا يمكن أن تعيش فى مواجهة حالة الفن والإبداع. نحن الآن أمام مواجهة. مواجهة العيش المشترك. بين الحب والكراهية. كراهية الدين والدنيا.الذى يعنى الحياة. وحب الموت والقتل. القتل الذى نهت عنه كل الأديان والأعراف. خطفت الحياه حلا شيحة من القتلة. لم تفلح محاولات إنقاذ الشاب. قضى نحبه. السلفيون والإسلام السياسى هزم الفنون فى خطف حلا. هزمتهم الفطرة. الفطرة المصرية. فطرة الاعتدال. عادت حلا. فمتى يعود المجتمع؟