
حازم منير
نكتة دمها تقيل
لا أتذكر موقفا أو إعلانا محددا لجماعة إرهابية يدعو للحفاظ على الاقتصاد الوطنى لدولة هو يعيث فيها فسادا وتدميرا ويسعى إلى إسقاطها ليحكمها بأفكاره المتطرفة وأدواته القمعية الإرهابية.
الإرهاب وجماعاته مهمته الأساسية أثارت المشاكل والمعوقات فى طريق التنمية وإضعاف الاقتصاد الوطنى وإصابة أدواته بالشلل، كما حاولوا معنا بتفجير خطوط الكهرباء، أو أنابيب الغاز والنفط قبل نجاحنا الأمنى فى محاصرتهم وهزيمة أغلب مخططاتهم الإرهابية.
وجماعات الإرهاب تقيس فى جانب من تقييمها لمخططاتها مدى قدرتها على إضعاف الاقتصاد الوطنى، كما تقيس عدد الضحايا من قتلى ومصابين وتسعى إلى زيادة نجاحها فى الأمرين، الأول: لإضعاف قدرة الدولة وتعميق مشكلات الناس وسخطهم ضدها، والثانى :لإضعاف الروح المعنوية ودق أسافين فى العلاقة بين الشعب والدولة.
لذلك اندهشت جدا من محاولة الجماعات الإرهابية إظهار حرصها على مصالح الشعب المصرى واقتصاده الوطنى، بمزاعم عدم عدالة الضريبة العقارية ودعوة الناس لعدم التجاوب مع الحكومة، وتحريضهم الامتناع عن الالتزام بالقانون.
المنطق يقول لو أن هذه الضريبة ظالمة وستؤدى إلى تأجيج الصراع الاجتماعى وتعمق خلافات بين الحكوومة وبين النس لترك الإرهابيون الأمور تسير فالنتائج لصالحهم، لكن يبدو أن هذه الجماعات متيقنة أن هذه الضريبة الجديدة ستحقق نتائج تدعم الاقتصاد الوطنى فى قطاعات محددة فاستوجب الأمر أن تبدأ تحريض الناس للامتناع عنها وهى بذلك تحقق أهادفها الأساسية بإضعاف الاقتصاد إذا ما نجحت فى إقناع الناس بأهدافها.
الجماعات التى تنشر الدم والموت والقتل، وتذبح الأبرياء وتُفجر دور العبادة وتستحل دماء المصلين فى داخلها، يُظهرون حرصهم على اقتصاد الدولة ويحذرون الناس من مخاطر إجراءات وقوانين تصدرها الدولة التى يسعون إلى إسقاطها.
كيف لمن يسعى إلى هدم الدولة أن يحرص فى المقابل إلى حماية اقتصادها، كيف لجماعة مهمتها الأساسية إثارة الفُرقة والتحريض أن تدعى سعيها إلى حماية مصالح الناس التى تعمل فيهم القتل والتنكيل من دون أسباب.
جماعات الإرهاب - مهما كانت مسمياتها - ترى أن مخالفيها كفارا يستحقون القتل، وهم لا يستهدفون مسئولين فقط إنما أناس أبرياء لا ذنب لهم ولا جريرة، وتجدهم فجأة يدعونك وأنت الكافر للاستماع إلى نصائحهم لتحمى مصالحك حسب مزاعمهم، ولذلك يطل السؤال كيف يتعاملون مع الكفار وينصحونهم ويدعون حماية مصالحهم وهم أساسا كافرون ويجوز ذبحهم وأسرهم واستعبادهم.
فى كل تجاربنا مع الإرهاب منذ السبعينيات وما قبلها وحتى الآن، فإن الاقتصاد الوطنى والتنمية واحد من أهم استهدافاتهم لتدميره وإضعاف الدولة حتى تركيعها وإسقاطها، أما أن نستمع لمزاعم بحماية مصالح الناس فنحن فعلا أمام حالة غير منطقية.
دعوات الإرهابيين المنتشرة الآن فى شأن الضريبة العقارية، هى محاولات تحريضية على العصيان ودعوة للناس لعدم التزام القوانين بشكل عام وليس قانونا أوملفا بعينه تمهيدا ليعمل هوعلى إسقاط الدولة، وهويستغل موضوع الضريبة العقارية – كما استغل غيره سابقا - لتحقيق هذا الهدف البعيد.
الإرهاب لا يسعى للصالح العام أورخاء الناس ومصالحهم وإنما يسعى لسفك الدماء والقتل وتخريب الاقتصاد، لا تصدقوهم فهم قتلة ومخربون يروجون لـ«نكتة دمها تقيل».