
رشدي أباظة
بين يدى ابن عطاء!
بين جنبات المقطم. تحت سفح الجبل. هناك. حيث يحضن الجبل القاهرة. يحرسها من عل. يستقبل الراحلون منها. مثواهم الأخير. منذ مئات السنين. يحنو عليهم. يرقد ابن عطاء الله السكندرى. صاحب الحكم العطائية. يلف قبره المبارك مسجده الأثير. كانت الشمس راحلة للتو. بدأ الليل يرخى سدوله. ساقتنى الأقدام على غير مرام. دلفت يمينا. رائحة الموت تلف المكان. رائحة الأشجار المتناثرة تلف المكان. رائحة السكون تلف المكان. المكان يلف المكان. يتعلق الإنسان بالحياة. الحياة المؤلمة. رغم أن القبر آت لا محالة. لم أدر أين أنا. شرد عقلى فى ملمتى. كانت قد آلمتنى.
جزعت رغم كونى من المؤمنين وعلى صلواتهم يحافظون. نظرت إلى السماء. أشكو إلى رب السماء. كانت صافية. دارت عيناى. أسأل عن كل شىء. يضيق الصدر ولا ينطق اللسان. تحجرت الدموع. حبسها الكبرياء. كبرياء العز بالله. يا ابن عطاء. هل حقا. فى المنع عطاء. فى الفجأة عطاء. فى القل عطاء. يا ابن عطاء. أتضيق الدنيا بى ذرعا. أبحث عن العطاء. أحسبه ماء. ظمآن. هل أجد الله عنده. يا ابن عطاء. دلنى على قول لا أسأل أحدا بعده. سقطت عبرة فى لحظة غدر. من خلف الكبرياء. سالت على وجنتى. كان الليل قد استقر. رسم خياله على الجدران.
أذن الإمام لصلاة العشاء. أنهيت صلاتى. شعرت بأن الجسد يتهاوى. كم هو متعب. أتعبته الأيام والليالى. بجوار المقام سلم خلد جسدى. انساب كما ينساب الماء الخرير. راح فى سبات غير عميق. أخذتنى سنة من النوم. رأيتنى وكأنى أطير فى السماء. أو أمشى على الماء. الجسد يحقق خيالاته التى طالما حلم بها. فك النوم قيوده. يهذى فى أحلامه. الأيام دول. يتداولها الله بين الناس. لا تدرى لعل الله يحدث لك أمرا.
فجأة. ربت على الكتف رجل بهى الطلعة. جميل المشهد. حسن الثياب. لا يبدو عليه وعثاء القاهرة. قال. تسألنا عن العطاء. ونحن فى أهل العطاء. إذا فتح لك الله باب الفهم فى المنع. فذلك عين العطاء!