الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«دماء فى الشارع»

«دماء فى الشارع»






الكتابة عن «الذبح»، مثل حد السكين، قد تقتل بها أعداءك، وقد تقتل بها نفسك، وبنفس القوة والسرعة التى تتجاوز حتى الشعور بالألم.
اليوم وقفة عرفات، وغدا عيد الأضحى المبارك، غدا سنرى بأعيننا صرخة  الشاعر الإسبانى «لوركا» الشهيرة «تعالوا انظروا الدم فى الشوارع».
«لوركا» لم يكن يتحدث عن ذبح الأضاحى، وإلا كان المفتشون فى النوايا، ومدمنو الحسبة ذهبوا به إلى المحكمة  بتهمة ازدراء الأديان - هذا إذا رحموه -  فالمحكمة فى النهاية لن تنظر فى النوايا وستبحث فيما قال، أما إذا لم يرحموه – وهذا هو الأكيد- سيخرج علينا سلفيو العصر وخوارجه ليعلنوا كفر «لوركا» ويطالبون بالتفريق بينه وبين زوجته، ويعطون الإشارة لجاهل بالدين، ولايعرف عنه سوى اللحية والجلباب والدم فى الشارع، كى يذهب إلى الجنة وحور العين تقربا بدم «لوركا».!
الكتابة فى هذا الجزء محفوفة بالمخاطر، كمن يسير على حبل مشدود،فحرف خاطئ هنا أو هناك، يؤدى بك إلى تهمة ازدراء الدين والمناسك.
 لا تذبحوا فى الشارع، ها أنا أكررها فقط لا تذبحوا فى الشارع، توقفوا عن إسالة بحور الدماء فى الشارع بحجة أن الذبح أمام البيت بركة، فالبدائل كثيرة ومتوفرة والعواقب التى تحدث نتيجة الذبح فى الشوارع كارثية.
«الأهم من الأضحية هو النسك، وما يحدث يضر بالنسك، زمان كانت لحوم الأضاحى تعفن، فلم يتوقف الناس عن التفكير، ولم يتركوها تعفن فى الشارع، ظهر مشروع الإفادة من الأضاحى فى السعودية فقضى على هدر الأموال،وتعفن اللحوم، وبفضل المشروع وصلت الأضاحى لجميع المستحقين فى شتى بقاع الأرض».
فكروا، الدين الإسلامى يدعوك للتفكير والتدبر، دين يحض على النظافة، وليس إراقة الدماء فى الشوارع، ولن أتحدث هنا عن الأمراض التى يسببها الذبح فى الشارع، ولن أتحدث عن القرارات العنترية التى تظهر كل عام فى مثل هذا الوقت،من نوعية 5 آلاف جنيه غرامة الذبح فى الشارع، ومصادرة الحيوانات المربوطة فى الشوارع، فالكل يعلم أنها للاستهلاك المحلى، فلا يخلو شارع فى القاهرة من شادر ملئ بالخراف، تأكل وتشرب وتقضى حاجتها فى الشارع، ليتحول المرور – مجرد المرور- وليس الإقامة فى الشارع إلى فاصل من العذاب، أما لوكنت من المحظوظين وتسكن فى نفس الشارع، فجهز نفسك جيدا، أغلق النوافذ، ممنوع النزول، اشترى كميات كبيرة من المعطر والبخور وأطلقها ليل نهار فى شقتك وكأنك تحضر عفاريت،علها ترحمك من الروائح .
دعونى هنا أسأل، هل يمكن للشخص، بدلاً من أن يضحّي، أن يخرج مال الأضحية،فيعطيه لأحد أقاربه المرضى ليستعين به على العلاج؟.
هل يمكن أن نرى فتوى من الأزهر الشريف بتوجيه أموال الأضحية، هذا العام أو العام المقبل، لعلاج الفقراء، أو بناء مساكن لهم، أو تعليم أبنائهم ؟
هل يمكن أن يناقش من يرفعون فى وجوهنا سيف التكفير وتهم ازدراء الدين، وإنكار ماهو معلوم من الدين، ما قاله ابن تيمية، وهو الإمام الأول لحركات السلفية الجهادية، ويعتبرونه أهم إمام فى الإسلام ويسمونه شيخ الإسلام وهو لقب لم يحظ به أحد فى التاريخ قبله ولا بعده.
لماذا لايفكرون فى قول  ابن تيمية « وَالْحَجُّ - يعنى حج التطوع - عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ الَّتِى لَيْسَتْ وَاجِبَةً .
 وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ مَحَاوِيجُ فَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ مُضْطَرُّونَ إلَى نَفَقَتِهِ «الفتاوى الكبرى» (5/382) .
وكذلك قول  الشيخ ابن عثيمين:» إذا دار الأمر بين الأضحية وقضاء الدين عن الفقير فقضاء الدين أولى، لاسيما إذا كان المدين من ذوى القربى «. من«مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين» (13 /1496) .
لماذا نصر على الشكل، وكل من اجتهد وفكر نرفع فى وجهه سيف التكفير، هل إغراق شوارعنا بالدم من الدين ؟!!
هل توجيه مال الأضاحى لما يحتاجه الناس، تعطيل للسنة ؟