الراقصة والجلاد (2-1)

فى نهايات عام ٢٠٠٥. انجلى جيل صحفى كبير. تربع على عرش الصحافة ردحا من الزمان. الأستاذ إبراهيم نافع. الأستاذ إبراهيم سعده. الأستاذ سمير رجب. كان الوسط الصحفى يموج بالحديث عن ضرورة التغيير. أن يأتى جيل جديد يقدم للصحافة لونا آخر. ووجوه أخرى. لا ضير. مطلوب.
 
كانت المزاعم تترى عن تجاوزات هذا الجيل. كانوا يتحدثون عن أكاذيب استغلال النفوذ. سلطات مطلقة. وكثير غيره. حدث التغيير. جاء قادة جدد. صغار. جلهم ممن كانوا يصيحون عن تجاوزات السلف. ومنافع السلف. ومكاسب السلف. ويقولون فى أنفسهم قولا ليس بليغا. كيف حقق الجيل الراحل ثروات بالمخالفة. قدموا أنفسهم أطهارا وأبرارا. ورث هؤلاء عرش الفئة الصحفية الباغية. قدموا ذواتهم ملائكة فى ثوب كائنات صحفية. من بين القادمين الجدد. ورثة العرش الصحفي. برز الأستاذ الجلاد. ثالث ثلاثة الأثافي. نابه. يجيد الحيل الصحفية وغيرها. ريفي. متطلع. ناهم. عيناه فارغتان. جيء به من الأهرام. كانت الصحافة الخاصة قد بدأت فى الازدهار. حديثة الولادة. تأثير  واسع. استقبال جيد من الجمهور والدولة. سلطة متحسبة. الطريق معبد لتقديم صحافة مسئولة وجادة. تقلد الأستاذ رئاسة تحرير المصرى اليوم. فى الجهة المقابلة من الأهرام. نجح صحفيا. قدم تجربة مؤثرة. ورث السابقون السابقون. أولئك المقربون. صار قطا ثمينا فى بضع سنين. تبوأ مقعدا متقدما فى مقاعد الثروة. المشروعة وغيرها. واستغلال النفوذ. هكذا يتردد. أضحى مستباح السمعة. مثله فى ذلك من سبقوه. كان هو نفسه يخوض فى سمعتهم. سمعة جيل مضى لتوه. لقى جزاءه. فهو جزاؤه. كان تحديدا مع رفيق آخر له من ثالث الثلاثة حول العمل الصحفى العام إلى وسيلة للابتزاز.

صار نموذجا من نماذج النخبة الطالحة. أصبح قدوة غير صالحة لجيل وقع أسير الإثراء السريع. استخدمت جماعات المصالح هذا الإنموذج لابتزاز الدولة. والضغط عليها. كان الصحفيون يلوكون بألسنة حداد السابقين. مثلا يقولون. رؤساء تحرير الصحف القومية قاموا بتعيين أفراد أمن بمؤسساتهم وألحقوهم بنقابة الصحفيين. وكذلك السكرتارية. ظل الصحفيون يتهامسون فى صوت غير خفيض عن تجاوزات. ومخالفات. وعلاقات تزاوج بالسلطة. وعلاقات بالجنس الناعم.

وكانت المفاجأة. كل التجاوزات التى كان يتحدث عنها الوسط الصحفى على مدار ٣٠ عاما للجيل الذى قضى نحبه على عدم صحتها وزيف ترديدها فعلها الجلاد ورفاقه الجدد فى عام واحد فقط. أى أن ما تردد كذبا بحق نافع وسعده ورجب على سبيل المثال فعله هؤلاء حقيقة. جملة وتفصيلا. علاقات آثمة بالسلطة. تزاوجوها عرفيا. تعيينات جمة بالمخالفة. أمن وسكرتارية ومدرسون وحملة مؤهلات متوسطة. توريث أبناء وزوجات الأبناء وذوى زوجات الأبناء. تعيين أقارب. محاسيب. بزنس. عمولات. وساطات. محسوبيات. سمسرة. أحدهم كان يعيش فى شقة عام ٢٠٠٦ داخل حى فيصل. انتقل إلى قصر منيف بالشيخ زايد وقصر آخر فى التجمع الخامس فى ٢٠١٢. من سيارة متواضعة وحيدة عام ٢٠٠٦ إلى نصف أسطول سيارات جلها فاره عام ٢٠١٢.. لحظة عبور فى ست سنوات. نحن الآن فى حضرة فاسدين جدد!
غدا نكمل