
حازم منير
حوار النخبة الوهمية
ويتواصل الحوار حول قضايا أساسية غابت طويلا عن صحافاتنا وتذيلت جدول الاهتمامات حتى أتاح لنا الكاتب الغامض رشدى أباظة الفرصة لتداولها والنقاش حولها، بعد أن كان الحوار ولمدة طويلة أحادى من طرف واحد فقط.
وتحت عنوان «النخبة الوهمية» فى الحلقة الرابعة يقول :«لوافترضنا أن هذه النخبة مارست عملا جادا. أخلصت لأفكار حقيقية . عملت بجد من أجلها. ألم نكن الآن أمام معارضة حقيقية. أحزاب قوية. ألم يكن من الممكن أن تتفكك جماعة الإخوان ذاتيا. وكل جماعات الإسلام السياسى». انتهى الاقتباس.
نعم أحزابنا السياسية غابت عن المشهد فى عهد مبارك بقبولها الإطار القائم وقتها، وهى خسرت الانتخابات 2010 لضعفها وسوء ترتيبها، واستغلت الأوضاع لإخفاء عيوبها أمام جماهيرها، ولوكانت تعلم ما سيصيبها بعد أحداث 2011 لكانت اختارت موقعا مغايرا، وكان سلوك غالبية هذه الأحزاب فى المرحلة الانتقالية مشينا بهرولتها وراء ذيل «الإخوان الإرهابية» فى الانتخابات، وكاتب هذه الكلمات كتب مقالا بجريدة الوطن قبل ثورة يونيوعنوانه «جبهة إنقاذ مرسى» بدلا من جبهة الإنقاذ الوطنى نقدا لتردد الأحزاب ورفضها تأييد شعار إسقاط حكم المرشد ومطالبتها بمنحه فرصة للاختبار.
هذه كلها وغيرها الكثير نماذج لوقائع تدلل على تردى الأداء الحزبى، حتى الأحزاب التى نشأت بعد أحداث يناير كانت فى أغلبها كرتونية وهمية وبعضها كان امتدادا للأسف لمرتزقة الميدان الذين تلقى بعضهم الدعم المالى مباشرة وهوعلى الأسفلت، لكن هل يعنى كل ذلك ورغم فداحته أن نقرر إلغاء الأحزاب أواستبعادها من المشهد العام .
المؤكد فى المقابل أن أحزابا سياسية أخرى لعبت دورا أساسيا فى دعم وتأييد ثورة 30 يونيو، وكانت عنصرا مهما فى الانتقالية الثانية تحت رئاسة المستشار عدلى منصور، ثم كانت سندا سياسيا أمام العالم كله فى تأييدها انتخاب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى لرئاسة البلاد ولايتين متتاليتين، وكانت بينهما داعما جوهريا تحت قبة البرلمان للدولة المصرية أمام العالم أجمع، وتخلت بذلك عن دورها الأساسى كجماعات معارضة تقديرا للظرف الاستثنائى.
المشهد السياسى مزعج بسبب حالتين متواجهتين، الأولى مسئول عنها الأحزاب التى تمتنع حتى الآن عن المبادرة لتأسيس الواقع القوى الجاد المعارض الذى تحدث عنه السيد أباظة، والثانية مسئول عنها الدولة التى لم تحرص حتى الآن على المبادرة للتواصل مع الأحزاب من أجل تنشيط دورها.
سيقول قائل وما هى مسئولية الدولة؟ المسئولية للدولة عن إدارة شئونها من كافة الجوانب والبحث عن كافة الأدوات والأساليب التى تساعد على التقدم والتنمية، والحوارات بين الحكومات والأحزاب فى العالم أجمع مسألة أساسية بشكل دائم، فالأحزاب حائط صد مجتمعى لكل محاولات التطرف والإرهاب، والديمقراطية ضمانة لطمأنة المستثمرين خصوصا فى العالم الثالث.
المسألة ليست فى إنقاذ الأحزاب، وإنما إنقاذ الواقع السياسى المصرى بفترة كافية قبل الاقتراب من رئاسية 2022، وهنا تكمن مسئولية الدولة عن التحرك لمطالبة الأحزاب البرلمانية بحوار حول تطوير المشهد وممكناته فى إطار الدستور ورفضا لدعوات الفوضى و«الثورجية» الفاضية.
غياب المعارضة الشرعية أتاح المجال واسعا لمناهضى الدولة من الاناركيين والفوضويين والإرهابيين، يجب أن نضع أساسا لإقصاء دعوات الفوضى والتحريض على إسقاط القانون، وبين النخب المصرية قطاعات وطنية مخلصة، ليست كلها وهمية، ليست كلها للبيع ولكنها قادرة على التصدى لهذه المؤامرات.