الجمعة 2 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحرية والضرر

الحرية والضرر






ماذا يحدث إذا استيقظت سعيدا... فتحت النافذة فإذا بك تصل إلى مسامعك ألفاظ نابية وسباب... تلقى نظرة فتجد أن سور المدرسة المواجه لعمارتك قد كتبت عليه ألفاظ شديدة السوقية...
فتحت التلفاز فوجدت فيلما اباحيا...حولت إلى محطة أخرى فوجدت شخصا يسب دينك... وكل الأديان السماوية ويصفها بالخرافة... محطة أخرى تسب بلدك....تركت التلفاز واتجهت إلى المذياع.. وجدت المذيع يتحدث عن فوائد السرقة وكيفية صناعة قنبلة بدائية من مكونات المطبخ المتاحة فى أى بيت...
 ستغلق المذياع وترتدى ملابسك وتسير فى الشوارع والطرقات... ستجد المئات من اللصوص وبائعات الهوى... تلوذ بمسجد... تجد زعيم داعش يذبح إنسانا على بابه....ستركض عودة إلى منزلك وتحمد الله أن سنك تخطى الأربعين وأنك لا تنتمى إلى هذا الزمن القبيح.... ستحمد الله أنك عاصرت الزمن الجميل... زمن القيم والأخلاق والدين.... زمن الحرية المتزنة بلا ضرر... زمن الصدق وتوارى الفجور...ستغمض عينيك وتبتسم ...تحدث نفسك بأنك لا تريد أن تعود إلى الحاضر...تريد أن تسبح فى الماضى الجميل إلى أن تلقى الله....فجأة ستفتح عينيك خوفا وذعرا... تتذكر أولادك الصغار...تتذكر أنهم موجودون...يتفاعلون مع هذا العالم ولم يروا غيره...تتذكر الساعات الطوال التى جلست تحدثهم فيها عن الطهر والنقاء...عن الزمن الجميل ....عن القيم والأخلاقيات...وعن الساعات الطويلة التى جلست تدعو الله ألا يتلوثوا بالواقع المؤلم.... للأسف هذا ليس كابوسا...ولكنه جانب كبير من الواقع الإلكترونى الذى قد لا تراه على جهاز المحمول الصغير الذى لا يتركه حتى أثناء النوم....
 كل دول العالم لديها بعض الآليات للمقاومة وللتنظيم... فى مصر صدر أخيرا قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات...خطوة لتنظيم تواصلنا مع هذا العالم المتوحش...الوعى أيضا مطلوب ولا يمكن إنكاره...أنت حر ما لم تضر...الضرر الإلكترونى خطير.. ينفذ إلى العقل والقلب والوجدان....لا بد من أن نتحرك بحرص فى هذا الفضاء الإلكترونى...حرص يساعدنا على التقليل من الاثار السلبية والتفاعل الإيجابى مع مصادر المعلومات وتوليد معارف جديدة أيضا...
من يعارض هذا القانون إما أنه لم يقرأه ويعى الفوائد بالقدر الكافى وإما لديه غرض خفى... لن يسمح لاولاده بأن يتعرضوا لما يسمح به لابناء الاخرين.... إذا كان النفاذ إلى مصادر المعلومات هو الخطوة الأولى وقد قطعنا فيها شوطا كبيرا... فإن الخطوة التالية وهى استيعاب المعارف وتطبيقها هى خطوة لا تقل أهمية إن لم تكن تتفوق على الخطوة الأولى لتصل بنا إلى ما نأمله من تطوير لمعارف جديدة مفيدة لبدلنا وللبشرية جميعها.... وللحديث بقية