الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف تهاجم المندوب السامى البريطانى!

روزاليوسف تهاجم المندوب السامى البريطانى!

كانت السيدة روزاليوسف حريصة كل الحرص على رصد كل المتغيرات السياسية التى مرت بمصر وتابعتها بكل اهتمام، وكان لها رأى ووجهة نظر فى هذه المتغيرات والقائمين عليها خاصة بعد استقالة إسماعيل صدقى باشا.



وتقول: الملك فؤاد كان يأمل بعد إخراج «صدقى» فى أن يبقى النظام نفسه كما هو «نفس البرلمان ونفس الدستور، ومرت بمصر فترة مائعة غريبة، القصر لا يهمه إلا أن يحتفظ بسلطته كاملة ومعنى ذلك ألا يعود دستور 1923 بأى شكل، أما الوزارة الجالسة فى الحكم سواء كانت وزارة صدقى أو وزارة «عبدالفتاح يحيى» فهى الريشة فى مهب الريح، هى الدمية التى تتحرك بأوامر القصر وفى حدود سياسة الإنجليز فهى تستمد وجودها من إرضائهم وبقدر ما تنجح فى إرضائهم بقدر ما تمد لهم أسباب الحياة.

وكان الناس يرون من آيات تدخل الإنجليز والقصر عجبًا، وكان زكى الإبراشى ناظرًا للخاصة الملكية إذن فهو غير مسئول فى المسائل السياسية ولكن إلغاء الدستور أو تعطيله معناه - دائمًا أن تنتقل خيوط السياسة إلى أيدى غير المسئولين، وقد بلغ من تدخل الإبراشى فى شئون الحكم أنه كان يحضر اجتماعات مجلس الوزراء ليملى رغباته، أقصد ليملى رغبات مولاه!!

وكانت روزاليوسف لا تكف عن مهاجمة هذا الوضع الشاذ، وأحس زكى الإبراشى بأن الوزارة الجديدة أضعف من أن يرهقها بزغراته الدائمة فقلل من حضوره اجتماعات وجلسات مجلس الوزراء، فراحت صحف الوزارة تكذب الخبر وتقول: والنبى أبدًا.

هذا عن القصر أما عن الإنجليز، فقد كان اليوم لا يمر دون حادث صغير أو كبير يؤكد فى الأذهان أنهم محتلون وأنهم غاضبون.

فى وزارة صدقى ذهب الملك فؤاد إلى الاحتفال الذى أقيم لاستقبال أول طيارين مصريين يعودون من إنجلترا، وكان يجلس بجوار الملك السير «برسى لورين» المندوب السامى الإنجليزى ثم وضع ساقًا على ساق بحيث أصبح نعل حذائه يواجه وجه الملك تقريبًا!! والتقطت الصحف الصورة ونشرتها وشنت روزاليوسف حملة عنيفة على هذا التصرف العجيب الذى يكشف نوع العلاقة بين الملك والإنجليز.

وكان سير «برسى لورين» متزوجًا من سيدة بارعة الجمال لعلها من أجمل سيدات السلك السياسى اللواتى عرفتهن مصر، وكانت فى الحفلات قبلة الأنظار وكعبة القصاد من  الوزراء والطامحين فى الوزارات!

وفى وزارة «عبدالفتاح يحيى» كان السير «مايلز لامبسون» المندوب السامى - فى إجازة وناب عنه مستر «بترسون» وفوجئت الوزارة يومًا ببترسون يزور مصالح الحكومة ومرافق الدولة ويفتش عليها كأنه هو الرئيس  المسئول عنها.

واهتزت الحكومة اهتزازًا عنيفًا ثم لم تحرك ساكنًا!

هكذا مضت تلك الأيام الغريبة بين إلغاء دستور 1923 وبين إعادته، واتفق الجميع على أنه لا بد من التغيير وبدأ المرشحون لرئاسة وزارة الانتقال يلمعون، وكان المرشحون ثلاثة: على ماهر وحافظ عفيفى وتوفيق نسيم!

الأول ترشحه السراى والثانى يرشحه الإنجليز والثالث أقرب من زميليه قليلًا إلى إرضاء الرأي، أو كان حلًا وسطًا بين القصر والوفد والإنجليز خصوصًا وقد عرف أنه اشترط لقبول الرياسة أن يعاد دستور 1923.

وقبل الملك فؤاد استقالة «عبدالفتاح يحيى» فى السادس من نوفمبر وتشكلت وزارة توفيق نسيم الثالثة فى 14 نوفمبر 1934.

وفى هذه الأيام وقع أول خلاف بين روزاليوسف وحزب الوفد.

وللذكريات بقية!