
رشدي أباظة
اعتزال لميس الحديدى (١-٢)
عادت الأستاذة لميس الحديدى. سيدة ليست مثيرة للجدل. متواضعة مهنيًا. مثيرة للشفقة. تبحث عن أرض جديدة. فقدت سماءها. وتوازنها. لم تعد مجدية. أصابها الموت السريرى. صارت دميمة مهنيًا. وسياسيًا. الحديدى دخلت غرفة الإنعاش. تحاول الحياة. قطعت شرايينها بيدها. وجه صار من زمن فات. تخطتها المهنة. وتخطاها الزمن. اختار السفير البريطانى فى القاهرة أن تكون إطلالته الأخيرة من خلالها. فأل صادق. هى أيضا فى حياتها التليفزيونية الأخيرة.
يقولون متى تعتزل الأستاذة الحديدى. أنا أقول هى اعتزلت. صارت إرثًا من الماضى البغيض. هى تبحث الآن فى خلسة عن فرصة فى قناة أخرى غير التى تطل علينا منها. نفد رصيدها. تعمل بدون أجر تقريبًا. ترفض أن تعيش الأيام الأخيرة. من قال: إن الإنسان يملك خياراته. اللغط الذى تثيره الحديدى دومًا سياسى. ليس لغطًا مهنيًا. لم تنجح مهنيًا ولو لمرة واحدة. تقلبها السياسى صنع حالة الأستاذة لميس. ليس أكثر. كانت ضمن معسكر الرئيس مبارك. عن جدارة. انقلبت ضده بين عشية وضحاها. دعمت فوضى ما بعد يناير. حاولت التقرب من ثوار يناير. داهنت. نافقت. هاجمت المجلس العسكرى. توددت لجماعة الإخوان. حاولت الدخول فى معسكر سلطة محمد مرسى. رفض. لفظ. حاولت الانتماء لدولة ٣٠ يونيو. طلبت أجرًا. مكاسب. الرئيس حدد بوصلة الدولة الجديدة. قال. لا أحد له جمايل. حزنت. صارت تضرب من تحت الحزام. تهاجم. تدعى البطولة. تطلب أن ينظر إليها بعين الاعتبار. ابتزاز. فعلت الكثير. صارت فى المعسكر المقابل. ليكن. لكل منا اختياره. اختيار الدولة دفن الأموات. لا ابتعاث لأحد.
قبل عامين. ذهبت إلى الكنيسة البطرسية إبان التفجير الآثم. تم الاعتداء عليها. لم تسأل نفسها لماذا. الإجابة: نفد الرصيد. الوجوه التى تتقلب فى صفوف المنافقين يمقتها المواطن. يشمئز منها. يشعر بالغثيان من النظر إليها. الحديدى لا تدرى أنها صارت شيئا من الماضى!
غدًا نكمل