الأحياء ومكافحة الفساد

كل الجهود المبذولة فى مكافحة الفساد لن تؤتى ثمارها الكاملة وتحاصر واحدة من أخطر الظواهر التى نعيشها ولن تكتمل حلقاتها ونطالع نتائجها إلا إذا أصبحت الأحياء والمحليات جزءا من الحرب على الفساد، فالأحياء هى الكهوف التى يعيش فى ظلمتها الفساد وينمو ويترعرع .
كل السادة المحافظين الجدد حرصوا على الاجتماع مع رؤساء المدن فور توليهم مسئولياتهم، وهوتوجه طبيعى ولقاء مُفترض لكل من يتولى مسئولية المحافظ فى كل ربوع مصر  فمن داخل الأحياء تطل فرص الإنجازات أوتتسلل عوامل الفشل والانهيار.
لفت نظرى لقاء اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة مع قيادات المحافظة ومنهم رؤساء الأحياء والذى نشرت جانبا من وقائعه بوابة اليوم السابع ووجه فيه « رؤساء الأحياء بتكثيف لقاءات المواطنين  والاستماع لمشاكلهم وحلها وتوفير الخدمات لهم والعمل على مواجهة الفساد والمخالفات والإشغالات وتطبيق القانون، وذلك تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسى التى وجه بها خلال اجتماعه مع المحافظين الجدد الخميس الماضى “ انتهى الاقتباس”.
مجموعة من الكلمات ذات الدلالة فى التوجيهات الرئاسية وما استتبعها من تكليفات السيد المحافظ لقيادات المحافظة واسمحوا لى بالتكرار مواجهة الفساد، تطبيق القانون، المخالفات والاشغالات، لقاء المواطنين والاستماع لمشكلاتهم .
نحن نعلم أن القاون «بعافية» شوية، وأى متجول فى شوارع مصر يلحظ ذلك من العمارات والأبراج الشاهقة فى الحارات الضيقة، صحيح القانون يُطبق فى مصر، لكن الثغرات كثيرة والمخالفات أكثر ووراء كل ذلك منظومة فساد ترتع فى غياب رقابة مباشرة ويومية.
مسئوليات المحافظين الجدد كبيرة وهمومهم أكبر، لأن غياب المحليات كل هذه السنوات وضعف أداء المسئولين المحليين أتاح المجال واسعا لانتشار الإهمال والرشوة والمحسوبية وتفشى الفساد والمخالفات علنا وكما يقولون: «على عينك يا تاجر».
التوجيهات الرئاسية تؤشر إلى انتظار القيادة السياسية نتائج واضحة وسريعة فى ملفات محددة، وهى فى الحقيقة كل الملفات إن شئنا الدقة، ولذلك جاءت حركة المحافظين الأكبر فى عددها خلال السنوات الأخيرة لتؤشر على رغبة فى الإصلاح والتطوير وتحسين الخدمات.
ما معنى خطط تنمية وعلاج خلل موازنة عامة وجذب استثمارات ومحاربة بطالة ومشروعات قومية كبرى، ومشروع ضخم للتأمين الصحى، وتطوير فى التعليم، ومشروعات إسكان لحل مشكلات مزمنة فى البلاد خصوصا عند محدودى الدخل، وما قيمة برامج اجتماعية لدعم الفقراء وغيرالقادرين، ودعم سلع تموينية وخبز بعشرات مليارات الجنيهات.
كيف يشعر المواطن العادى بقيمة كل ما سبق إذا كان يعيش وسط خدمات متردية ومخالافات منتشرة فى كل مكان، وقمامة انتزعت مساحات من الطرق العامة واحتلتها مقالب للزبالة وسط المارة، كيف سيشعر الناس بقيمة ما تحقق وهم يشاهدون ظواهر ومظاهر الفساد والرشوة والمحسوبية أمام أعينهم، وكيف يتأكدون أن الدولة تبذل قصارى جهدها إذا كان المسئولون المحليون أمامهم غير مبالين بالسيطرة على الأسعار وأباطرة وسائل النقل الخاص.
الاستفادة من بشاير التنمية والاستمتاع بها تبدأ من الأحياء التنفيذية  ورقابة المحليات عليها.