الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«خليها تحمض»

«خليها تحمض»






عارفين حكاية البيض فى الأرجنتين، الحكاية دى تحديدا، كلما قرأتها ابتسمت، وحزنت فى اللحظة نفسها .
الحكاية ببساطة، تجار البيض، قرروا يرفعوا سعر البيض، اجتمعوا ووضعوا السعر الجديد، وبدأوا التنفيذ.
تانى يوم بدأت حملة مقاطعة البيض، تطوع شباب لتوعية الناس بخطورة الشراء بالسعر الجديد، فإذا كنت أنت قادر على الشراء الآن، فغيرك غير قادر، ومن المحتمل جدا، بل أكيد غدا، أنت أيضا لن تستطيع الشراء، الحملة كانت باسم «خلـّوه يفسد» .
 بعد أيام وصلت الى السوبر ماركت سيارات توزيع البيض، لتقوم بتنزيل الكميات الجديدة ففوجئوا بأن أصحاب المحلات يرفضون استلام  أى كميات جديدة، فالقديمة على الرفوف كما هى.
لم يستسلم التجار، لعبوا على حكاية  «الناس نفسها قصير، وشوية وهيشتروا البيض».
بعد أيام أخرى ذهبت السيارات الى السوبر ماركت وعادت للتجار بكل البيض، نجحت حملة «خلوه يفسد».
البيض  تكدس فى الثلاجات والمخازن فتراجع التجار وقرروا بيع البيض بالسعر القديم، ولكـّن الشعب، رفض أن يشترى البيض، عملية تأديب وتهذيب محترمة بالفعل، وأصروا على أن يباع البيض بربع ثمنه القديم، وأن ينشر التجار اعتذارا للشعب فى الصحف.
تراكمت الخسائر ولم يجد التجار مفرا، خفضوا سعر البيض للربع، ونشروا اعتذارا رسميا للشعب فى الصحف.
تجربة رائعة، مثيرة، محترمة، تجربة تؤكد أن الشعب هو من يحكم نفسه، وقادر على فعل المستحيل .
حكاية البيض هذه، ممكن تكرارها عندنا، حملة «خليها تحمض» والتى انطلقت من الإسكندرية، احتجاجا على رفع التجار لأسعار الفاكهة، ممكن تنجح جدا، فقط لا نستسلم لجشع التجار.. وأن «الناس نفسها قصير»، ويوم ولا اتنين وهترجع تشترى الفاكهة .
سعر كيلو المانجو وصل إلى 35 جنيها، والتين 25 جنيها، والعنب البناتى 25 جنيها، والكمثرى  25 جنيها!!
سلاح المقاطعة، قوى ومؤثر، ولو تم استخدامه بشكل صحيح، لن يجبر فقط تجار الفاكهة على التراجع، بل كل التجار الجشعين هيضطروا للتراجع.
الفاكهة هى إللى نفسها قصير، أسبوع واحد بلا فاكهة، هتحمض وتترمى، التجار هينزلوا سعرها، أو يرموها .
العام الماضى كانت لنا تجربة مثيرة، مع غلاء الأسعار، انطلقت حملة « قادر أشترى بس هقاطع الغالى»، وانضم إليها الآلاف من ربات البيوت، الحملة شملت مقاطعة اللحوم والفراخ والأسماك و استهدفت إيقاف عملية الشراء لمدة أسبوعين، واضطر التجار لتخفيض الأسعار التى ارتفعت بصورة مبالغ فيها.
ورغم النجاح الكبير الذى حققته الحملة ونتج عنها انخفاض فى الأسعار، إلا أنه لم يكتب لها الاستمرار حيث عادت الأسعار للصعود مرة أخرى بسبب تكالب الناس على الشراء فور انخفاض الأسعار، وهذا ما أخشاه فى حملة «خليها تحمض»، علينا أن نتمسك بفترة المقاطعة كاملة؟، ولا نتراجع لمجرد أن الأسعار بدأت فى الإنخفاض، فوقتها ستتضاعف الأسعار من جديد
التوقف الطوعى عن استخدام أو شراء أو التعامل مع سلعة أو خدمة ما لجهة معينة تسيء أو تلحق الضرر بك أو بغيرك، نتائجها مبهرة، فقط نصر عليها، ونواصل توعية الناس بخطورتها.
المقاطعة ثقافة مجتمع وأسلوب حضارى وسلاح قوى جدا، سلاح أجبر  دولا بأكملها وليس شركات أو تجارا، على الاعتذار، مقاطعة السلع الدانماركية  والسويدية مثلا  ومقاطعة البضائع  الأمريكية، ليس عندنا فقط بل فى العالم كله أجبرت هذه الدول على الانحناء .
المقاطعة أسلوب حضارى تتصف به الشعوب المتحضرة، فهو عبارة عن سلوك رقابى شعبى، على الأسعار حتى يتم إرجاعها إلى نصابها وحقيقتها بعيدا عن الجشع والطمع والاستغلال.
المقاطعة سلاح راق ينظم المجتمع من خلاله نفسه، ويستنهض قدراته وإمكاناته، نقلة فى أداء المستهلك لمواجهة التغول على معيشته ورزقه.
إطلاق هذا النوع من الحملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يعزز مفهوم المشاركة  المجتمعية، ويساعد على تحقيق أهداف المقاطعة بشكل سلمى بعيدا عن صخب الشارع واحتجاجاته.
علينا أن نتعلم، ونعلم أبناءنا أن التاجر أو الشركة التى تستغل  حاجة المستهلك بطريقة أو بأخرى، ويرفعون الأسعار أو الخدمات  أو يقدمون  سلعة أو خدمة رديئة، لابد أن يدفع الثمن .