الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قمة انفتاح «الشرق الأوسط» على «الشرق الأقصى»

قمة انفتاح «الشرق الأوسط» على «الشرق الأقصى»






 هدأت أصوات المدافع، طأطأت رءوسها الصواريخ ليعلو صوت الأرقام، الحرب التجارية العالمية وضعت أوزارها، القوى العظمى ودعت الحروب التقليدية لتحل بدلا منها التجارية، بين الصين والولايات المتحدة تشتعل الحرب، أكبر اقتصادات العالم فى مواجهة كبرى.
يوليو الماضى استيقظ العالم والأوساط الاقتصادية على قلق بالغ، واشنطن تفرض رسوماً جمركية على منتجات صينية بقيمة 34 مليار دولار منها الألواح الشمسية والفولاذ والألومنيوم.. بكين ترد برسوم جمركية بقيمة مساوية على ما تنتجه أمريكا!

 بقدر ما يتغير النظام العالمى فى أفكاره وشكل مواجهاته تتحرك من تحته القشرة الأرضية وجغرافيته لتميل الكفة نحو الشرق حيث القوى الصاعدة.
القاهرة التى انتصفت العالم موقعا، تدرس، تحلل، منذ ثورة 30 يونيو وهى تعلم أين تضع قدمها فى المستقبل، مجازفة محسوبة بدقة، اللاعب السياسى المصرى وضع استراتيجية الجمهورية الجديدة وشكل علاقتها بالعالم الخارجى.
بالتوازى مع عملية تثبيت وبناء الدولة داخليا، اتجه السيسى الذى يتحرك وفق برنامج - معد مسبقا - نحو عملية التواصل مع العالم الخارجى، بعدما رسم سمات السياسة الخارجية المصرية التى يمكن إجمالها فيما يلى:
- إقامة علاقات متوازنة مع الجميع.
- اعتماد المصالح المتبادلة وسيلة للتواصل.
- استقلالية القرار والحركة الدبلوماسية.
- الالتزام بالمفاهيم والأعراف الدبلوماسية التقليدية المتعلقة باحترام السيادة.
- الالتزام بالندية وإعلاء المصالح الوطنية.
- القدرة على الحركة المتزامنة فى اتجاهات مختلفة.
- الشراكة وليس التبعية.
- إعادة ثقل الدور المصرى الخارجى.
- الالتزام الأيديولوجى برفض الإسلام السياسى.

 أضف إلى ما سبق أن القاهرة التى شاركت فى تأسيس حركة «عدم الانحياز» تنحاز اليوم إلى المشاركة والتفاعل فى الأحلاف التجارية والاقتصادية.. إشارة ذات مغزى ورسالة مهمة تكشف أن انحياز مصر لثوابتها فى الاستثمار والتحالف نحو البناء والتنمية ومصالح الشعوب والسلام والاستقرار العالمى وليس فى التخريب والدمار وتشريد الشعوب.
■ ■ ■
ما تقدم كفيل إلى أن يشير إلى قدرة «عبدالفتاح السيسى» على المناورة المتاحة، وخلق مساحات تحرك دبلوماسية للدولة المصرية، وليس أدل عليها من تكتيكاته فى إحداث التوازن والندية مع القوى العظمى، متجها شطر الصين شرقا فى أول زيارة له فى 22 ديسمبر 2014، أى بعد أشهر قليلة من انتخابه رئيسا للمرة الأولى، جاء إلى هنا وقتها حاملا المبادرة المصرية لإعادة إحياء طريق الحرير مع التنين العظيم تحقيقا لمصلحة جماعية للشعوب التى سيمر عبر أراضيها هذا الخط الاقتصادى التجارى الممتد والعابر للقارات.

 توالت الزيارات وصولا لتلك الخامسة التى نحن فيها الآن.. الزيارات نجحت فى أن ترتقى بالعلاقات إلى درجة الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وتسعى الدولتان إلى القفز بها إلى ما فوق الشراكة الاستراتيجية بحلول 2021.
هنا فى بكين ألمس وأنظر وأنقل إليكم حجم التقدير للدولة المصرية - المكان والمكانة - سمعت من الرئيس الصينى «شى جين بينج» يهنئ «عبدالفتاح السيسى» على نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى وما وصلت له البلاد من استقرار اجتماعى وسياسى والأهم الحفاظ على الوحدة الوطنية.

 إذا كانت القاهرة تميل بحساب دقيق وخطوات مدروسة
نحو الشرق الصاعد.. الصين من جانبها تمد الخطى نحو القاهرة اعترافا بثقلها الإقليمى والدولى ما يساهم فى التواصل وانفتاح الشرق الأوسط على الشرق الأقصى لتكون لاعبا أساسيا فى عدد من قضايا المنطقة الملتهبة.
الصين المتمددة غربا وجنوبا تسعى سريعا لملء أى فراغ سياسى أو اقتصادى تخلت عنه القوى الغربية مستفيدة من نقاء تاريخها الاستعمارى مع دول العالم.

 من بوابة الاقتصاد تسعى الصين لفرض الهيمنة استعدادا لحقبة صينية منظورة فى المستقبل القريب حسب قراءات الساسة من حسن الطالع تطابق الرؤى ووجهات النظر بين القاهرة - بكين فى أغلب تلك القضايا.
الصين شريك تجارى وسياسى مهم لنا تمتد الاستثمارات الصينية على طول مساحة الوطن وفى القلب منه العاصمة الإدارية والمنطقة الصناعية فى محور تنمية قناة السويس تسعى للتوسع والتدفق حاليا ومستقبلا لتكون الشريك الاقتصادى الأول لمصر.
■ ■ ■

 القاهرة تتجه صوب الشرق بوعى لإحداث نقطة التوازن فى علاقاتها الدولية من ناحية، وفى النظام العالمى الآخذ فى التشكيل حاليا.. انطلاقا من شعار «مشاركة لا مغالبة» التى هى باختصار أهم ثوابت السيادة الوطنية المصرية.