كامل الأوصاف

 حسب تصريحات وزير المالية د. محمد معيط فقد أنفقنا مبلغ خمسة مليارات وخمسمائة وستة وستين مليون جنيه تعادل 311 مليون دولار على استيراد الألبان ومنتجاتها وخضروات وفاكهة خلال خمسة شهور حتى نهاية يوليو العام الحالى.
اللهم لا اعتراض فعملية استيراد وتصدير الخضروات والفاكهة وتبادلها بين دول العالم أمر طبيعى، خصوصًا مع تباين مناخ كل دولة بما يتيح لها زراعة أنواع معينة لا يمكن زراعتها أوإنتاجها فى دول أخرى وهكذا.
ولكن رغم ذلك فيه مشكلة أن ننفق خمسة مليارات وخمسمائة مليون جنيه خلال ستة أشهر فقط على استيراد الألبان ومنتجاتها وخضروات وفاكهة ونحن نبحث تدبير مبالغ لتغطية احتياجات الدعم لسلع تموينية أولخبز وخلافه.
صحيح أن أموال الاستيراد لا تنفقها الحكومة، وأنها تعود مرة أخرى لأصحابها بعد بيع السلع، وصحيح أن مصر بلد كبير فى عدد سكانه، وأسواقه قادر على تصريف أى سلع ممكن تخيلها، ولكن ألم يتنبه أحد أن تكاليف الاستيراد يتم استهلاكها من رصيد البلد بالعملات الحرة، وأن هناك واقعًا اجتماعيًا محددًا لابد وأن يثير الانتباه .
أعتقد أن السيد وزير المالية وهو يطلق هذه التصريحات كان يسعى لتأكيد تحسن واقعنا المالى وهو يشير إلى إنفاقنا311 مليون دولار فى ستة أشهر على استيراد الألبان ومنتجاتها والخضروات والفاكهة، لكنه أيضا لم ينتبه لمدى إثارة واستفزاز هذه الأرقام لمشاعر فئات أخرى من المجتمع هى أغلبية.
تساءلت مع نفسى ما معنى أن نستورد الألبان ومنتجاتها؟ هل وصل بنا الحال إلى هذا المستوى؟ أم أن المستورد هو نوع مميز ومختلف من الألبان ومنتجاتها لا يتوافر لدينا وتحتاجه فئة من المجتمع يحاول المستوردون توفيرها لهم لإرضائهم .
أى بذخ هذا الذى نرى بعض مظاهره أحيانا دون أسباب مقنعة، هذه الأرقام تذكرنى باستيراد ياميش رمضان بأرقام كبيرة وبأسعاره المذهلة نتيجة فارق سعر العملة، وفى المقابل تبذل الحكومة جهودًا حثيثة لتوفير سلع غذائية لأ كثر من نصف عدد السكان غير القادرين على تلبية احتياجاتهم.
نعم فى مصر فئات اجتماعية قادرة ومن حقها ان نلبى لهم طلباتهم، وهناك أجانب أيضا يعيشون ويعملون على أرضنا لهم احتياجات ومطالب، والأمم المتقدمة تتوافر على أرضها كل أنواع السلع، كل هذا صحيح، لكننا لم ننته حتى الآن من مشكلاتنا العديدة والمتنوعة سواء فى ميزانيتنا العامة أو فى إجراءاتنا الاقتصادية المؤلمة أو واقعنا الاجتماعى المتراجع حتى نسعى لإرضاء فئات محدودة العدد أمام فئات محدودة الدخل .
لا أقصد أبدا أن نتوقف تمامًا عن استيراد هذه السلع، لكننى أتساءل من يستهلك بـنحو622 مليون دولار سنويًا خضروات وفواكه وألبان ومنتجاتها، ياريت حد يقول لنا كم طن خضروات وفاكهة يتم استيرادها فى السنة وتكفى لكام شخص فى المتوسط، حتى نعرف أهمية ما يتم استيراده ونفس الأمر على الألبان ومنتجاتها .
إحنا مش بلد كامل الأوصاف حتى ننفق نحو11 مليار جنيه سنويا على استيراد هذه الأنواع من السلع، أتمنى ألا يخرج علينا مسئول بالقول “انت عارف حبة الزبدة الواحدة بكام فى أوروبا”.