
صبحي مجاهد
مبادرة لنشر الفكر الوسطى
لا يختلف اثنان على أن بناء الفكر والثقافة العامة فى أى مجتمع تمثل حصنا مهما وقويا أمام انحراف أفراد المجتمع عن قيمه وأخلاقه، ولقد عانينا مؤخرا من مشكلة كبيرة أسماها كثير منا الأمية الثقافية، والدينية، وأصبحنا نلمس مع الوقت خطورة تلك الأمية.
ولاشك أن القراءة تمثل الوسيلة الأولى فى بناء هذا الفكر وتلك الثقافة، حيث تكمن أهميّة القراءة، كما يقول المتخصصون، فى كونها الطريقة الوحيدة التى يمكن للإنسان بها أن يكتسب المعرفة وبشكلٍ متّصل غير منقطع؛ فالكتاب الواحد يعطى القارئ خبرةً كبيرةً لم يستطع المؤلّف أن يجمعها إلّا بعد أن قضى وقتاً طويلاً جداً فى الجدِّ والعمل والاجتهاد. من هنا كانت القراءة من الأمور المهمّة غير الثانوية التى يتوجّب على كلِّ الناس أن يجعلها على رأس أولويّاته؛ بحيث تصبح جزءاً أصيلاً من الأنشطة اليومية.
كما أن كثرة القراءة لا تزيد المعلومات فحسب؛ بل تعمل على زيادة القدرة على التحليل وربط الأمور ببعضها البعض، كما أنَّ الإنسان كثير القراءة يكتسب مهاراتٍ جديدةٍ منها: القدرة على الفهم بشكل أسرع، والقدرة على النّقاش والحوار فى أى موضوع من المواضيع المختلفة، الأمر الذى يعمل على تطوير شخصيّة هذا الفرد وبشكل كبيرٍ جداً لم يكن يتسنّى له لولا ممارسته لهذا النّشاط الرائع.
إن محاولة بناء العقول والفكر لهو أمر بحاجة إلى جهود كثيرة ومتعددة من مختلف الهيئات والمؤسسات، ولا شك أن مبادرة وزارة الأوقاف التى أطلقت منذ أيام تحت عنوان كتاب لكل قارئ» تعتبر إحدى الخطوات التى كنا ننتظرها من أجل مساعدة الناس على العودة للقراءة من جديد وبناء العقلية الواعية من خلال عرض كتب آمنة فكريا ودينيا تعرضها الوزارة على الجمهور.
إن مساعدة الناس على كيفية القراءة، واختيار الكتب التى تتم قراءتها هى مسئولية كبيرة المهم أن يتم عرض عناوين الكتب بطريقة جذابة مع شرح مختصر لما يحتويه الكتاب من معلومات، وأهميتها فى المعرفة، لأن الشخص العادى غالبا لا يمكن أن يتخير كتابا من مجرد العنوان، بل لابد وأن تكون هناك وسائل جاذبة للشخص كى يقوم بالاطلاع على كتاب دينى أو ثقافى.
وأتمنى ألا يقتصر اهتمام عرض الكتب فقط من خلال موقع وزارة الأوقاف المصرية.. ولابد وأٍن يتم اختيار وسائل مساعدة للإعلان عن روابط الاطلاع على الكتب، لاسيما وأن غالبية الناس العادية ليس لديهم اهتمام بتصفح مواقع الوزارات الرسمية.
إن مبادرة وزارة الأوقاف تعد مبادرة رائدة ومهمة لاسيما أنها تأتى ضمن خطة وزارة الأوقاف المصرية فى نشر الفكر الوسطى المستنير وتفكيك الفكر المتطرف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ومعالجة القضايا الفكرية والثقافية المعاصرة .