
احمد زغلول
صندوق طوارئ عربى لأزمات النقد الأجنبى
تشتد الحاجة، يومًا تلو الآخر ، إلى العمل المشترك بين الدول العربية على المستوى الاقتصادي، لاسيما أن التعاون الحالى مازال شكليًا فى كثير من الأوجه رغم «تل» الاتفاقات الموقعة سواء على المستويات الثنائية أو الجماعية.. وما يجعل التعاون فى الوقت الراهن أمرا مصيريا هو حجم الأزمات والارتباك الذى يعترى الاقتصاد العالمي، والذى يلقى بظلاله على الاقتصادات الناشئة ومن بينها الاقتصادات العربية.
ويبرز على رأس التحديات الاقتصادية التى تقض مضاجع المسئولين والمواطنين فى الدول العربية والعالم أزمات النقد الأجنبي، وقد عانينا فى مصر منذ نحو العامين من أزمة عملة خانقة، اضطررنا على إثرها، ولأجل مواجهتها، إلى اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة كان على رأسها تحرير سعر الصرف وتنفيذ عدد من الإجراءات فى إطار برنامج إصلاح اقتصادى كامل.
وقد ساهم فى خروجنا من الأزمة تعاون عدد من دول الخليج العربى وعلى رأسها الإمارات والسعودية والكويت، والتى دعمّت مصر بالنقد الأجنبي، لكن ذلك التعاون رغم أهميته وما يعكسه من العلاقات الودية القوية بين الأشقاء العرب، إلا أنه كان فرديًا يفتقد المؤسسية.. والأهمية فى أن نخرج الآن من إطار العمل الفردى إلى العمل المؤسسى الجماعى هو توزيع مسئولية مساندة الدول العربية التى تواجه أزمات نقد أجنبى بين عدد كبير من الدول، ووضع أطر وضوابط لتقديم الدعم لهذه الدول لإخراجها من عثراتها.
فى تقديرى فإن إطلاق صندوق طوارئ عربى لمواجهة أزمات النقد الأجنبى أصبح أمرًا لابد منه، وقد اهتم المشاركون فى اجتماعات البرلمان العربية التى عُقدت فى القاهرة الأسبوع الماضي، بطرح عدد من الرؤى لتعزيز التعاون الاقتصادى ومن بينها إطلاق عملة افتراضية مشتركة، إنشاء بنك عربى للتنمية والبنية التحتية، إلى جانب إنشاء صندوق لمواجهة أزمات النقد الأجنبي، وأرى أنه من الأهمية أن يخرج المشروع من كونه فكرة ومقترحا إلى أرض الواقع ليكون الصندوق مؤسسة مساندة للدول العربية فى وجه التحديات الخطيرة التى تعصف باقتصادات العالم.
وما يزيد من أهمية تدشين هذا الصندوق المؤشرات والأرقام التى تكشف تصاعدًا غير مسبوق فى الديون العربية الخارجية تزامنًا مع تصاعد المشكلات الداخلية وارتباك النظام الاقتصادى العالمي.
وطبقًا لأحدث البيانات المتاحة فقد ارتفعت ديون 20 دولة عربية فى نهاية العام 2017، لتصل إلى أكثر من تريليون دولار، صعوداً من 923.4 مليار دولار فى 2016، و878 ملياراً فى 2015، و891 ملياراً بسنة 2014، و426.4 مليار دولار فى العام 2000.
وتصاعد حجم الديون العربية إلى هذه المستويات يزيد من احتمالات التعرض لأزمات النقد الأجنبى خاصة فى الدول غير النفطية بسبب مواردها المحدودة، واحتياطاتها النقدية الضعيفة مقارنة بنفقاتها العالية ، بل إنه يعكس أيضًا وجود أزمات فعلية فى عدد من الدول، مما ينذر بتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وعليه فلابد من الإسراع فى تدشين صندوق الطوارئ للمساهمة فى الحفاظ على استقرار الاقتصادات العربية.