الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصر.. مندوب الإنسانية فى الأمم المتحدة

مصر.. مندوب الإنسانية فى الأمم المتحدة






أربعة خطابات ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى من على منصة الأمم المتحدة، فى كل مرة كانت إنسانية الخطاب تغلب سياسته، فى كل مرة تأتى لهجة الخطاب معبرة عن التطور الذى يحدث فى عملية تثبيت الدولة المصرية داخليا، ونجاحها فى الانطلاق نحو محيطها الخارجى.
فى كل مرة يلقى السيسى كلمته نداءً للضمير العالمى، مصر المكان والمكانة ومهد الحضارة الإنسانية تفرض على السيسى أن يكون متحدثا بصوت مصر باعتبارها مندوب الإنسانية فى الأمم المتحدة.
بكل آلام الإقليم يقف السيسى كل عام فى قاعة الأمم المتحدة ينظر إلى الحاضرين، عيناه تعجزان عن إخفاء السؤال المؤلم: «متى نستطيع أن نخاطب الضمائر المتحدة ؟».
أربعة خطابات على امتداد أربع سنوات بمثابة وثائق مصرية حتما ستخلد فى أرشيف الضمير الإنسانى بتوقيع الإرادة المصرية.
رباعية الإنسانية المصرية حجة على المجتمع الدولى ودستور عمل لإنقاذ البشرية، الخطابات المصرية صوت الإنسانية.
فى خطابه الأول كان السيسى يقدم نفسه للعالم وجها لوجه بقوة رسوخ ملامحه المصرية وثقة الكبرياء النابعة من حضارة ممتدة لآلاف السنين، فى مستهل خطابه قصد الرجل تقديم شرح بسيط لوصف الحالة التى مرت بها مصر خلال السنوات القليلة التى سبقت توليه المنصب الرئاسى.. باختصار ومن قلب الواقع قدم الرجل دليلا دامغا على أن إرادة الشعب المصرى هى سيدة الموقف المصرى عندما ثار ضد الفساد، وتارة أخرى ضد الطغيان باسم الدين متمسكا بهويته ودولته الوطنية.
عنوان الخطاب الأول وفكرته المحورية أن الدولة المصرية الوطنية هى حصن الإنسانية ضد قوى التطرّف والظلام، بل هى النموذج الحقيقى لرفض المذهبية والطائفية والعرقية، وأيقونة العيش المشترك صاحبة القدرة الأسطورية على اندماج الاختلاف.
 الخطاب الأول ارتكز على قاعدة الإنسانية المشتركة التى تقف على أرضيتها كل الأديان.
بالرغم من طابع الإنسانية الذى غلب على الخطاب الأول فإن السيسى أصر أن يضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته السياسية التى أوجزها بوضوح فى المفاهيم التالية:
- ٣٠ يونيو إرادة شعب التف حولها الجيش، وهى نموذج عملى لحق تقرير المصير الذى تنادى به الأمم المتحدة فى نصوصها.
- التمسك بالهوية والتحصن بالوطنية خيار استراتيجى للشعب المصرى غير قابل للعبث من أى طرف.
-الدولة الوطنية هى المواجهة الحقيقية لقوى التطرّف والظلام
- الجماعات المستخدمة للدين من أجل الوصول للحكم لا يمكن أن تبنى دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
- تجفيف منابع الدعم للتنظيمات الإرهابية هو مسئولية المجتمع الدولى.
- إفساح المجال لقوى التطرّف المحلية والإقليمية سبب رئيسي لانهيار الدول وشيوع الاقتتال.
- مصر لا تحيد عن السلامة الإقليمية المتمثلة فى وحدة الأرض والشعب لدول المنطقة العربية.
- احترام مبادئ القانون  والمعاهدات والمواثيق الدولية أساس العلاقات الدولية.
كلمات السيسى أعادت صياغة المبادئ التى طالما نادت بها الأمم المتحدة، إلا أن مصر دعت لتحويل النصوص إلى واقع عملى بإرادة المجتمع الدولى.
فى العام الثانى على التوالى عاود السيسى الوقوف على منصة الأمم المتحدة حاملا تجربة مصرية عانت ويلات الإرهاب على مدار عام كامل، إلا أن وقوف الرجل على المنصة هذه المرة ارتكز على قاعدة مصرية أكثر صلابة قدمت نموذجا أسطوريا لشعب التف حول قيادته ليزرع الأمل بشق قناة السويس، بينما هو نفسه من يزرع اليأس فى نفوس جماعات الإرهاب والقتل باسم الدين.
خلال الخطاب الثانى تحدث السيسى مباشرة عن مسئولية المجتمع الدولى فى إيجاد الأمل سبيلا وحيدا لتبديد الظلام واجتذاب طاقات الشباب بعيدا عن المتطرفين وأفكارهم، ومن أجل توظيف قدراتهم لبناء مستقبلهم.
ثم تحدث السيسى مباشرة عن مفهوم العقل الذى ميز به الله البشر باعتباره مصدرا للإرادة البشرية الحرة النابعة من حرية الاختيار، الرجل أراد أن يقول: إن السيطرة على العقول ومسخها من خلال الاستخدام السياسى للدين جريمة ضد الفطرة وضد الإنسانية، بل ضد إرادة وحكمة الله فى خلقه، تخيل أن يستخدم الدين من أجل مخالفة إرادة ومشيئة خالق هذا الدين!!.
خلال كل عبارات الخطاب الثانى كان السيسى حريصا على أن سياسة مصر لا تعرف التهاون أو المهادنة مع التنظيمات الإرهابية، ولاتعترف بها كطرف فى معادلة سياسية، لقد كان الرجل يوجه حديثه لأطراف ظنت أن بمقدورها استخدام أدوات الإرهاب لتقويض الدولة المصرية، لكن السيسى أراد أن يعاود التأكيد على أن مصر تحارب الإرهاب نيابة عن الإنسانية.
  استمر السيسى فى مخاطبة المجتمع الدولى بصوت مصر العتيق، كان خطابه يتطور بتقدم خطى الدولة المصرية التى كانت تدرك يوما بعد يوم معالم طريق ثورتها.. لماذا قامت وإلى أين تتجه؟.
فى العام الثالث وقف السيسى أكثر رسوخًا ليعيد تذكير العالم بإمكانية ممارسة السياسة من منظور أخلاقى، وقتها صاغ أفكاره من خلال المفاهيم التالية:
- ضرورة تسخير المنظومة المالية العالمية من أجل نظام اقتصادى عالمى عادل يوفر فرصا متكافئة للتنمية.
- مصر ركيزة أساسية لاستقرار الشرق الأوسط، ولذا فإن دعم المجتمع الدولى لها هو أمر حتمى.
- رفض مصر للتدخل الأجنبى فى الشئون العربية.
- ضرورة التصدى لمساعى إشعال الفتن الطائفية فى الوطن العربى.
- ضرورة إيجاد منظومة فكرية عاجلة وشاملة لمكافحة الإرهاب.
- ضرورة إيجاد آلية دولية لمجابهة الأيديولوجيات المغذية للإرهاب.
- اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون استخدام الإرهاب للتقدم المعلوماتى والتكنولوجى.
ثم عاد السيسى للحديث مرة أخرى عن العقل مؤكدا أن الحروب والإرهاب يتولدان فى العقول، وهو ما يفرض على المجتمع أن يسابق العنف والتطرف ليغرى فى تلك العقول مفاهيم السلام والعيش المشترك باستخدام القدرات الثقافية والتكنولوجية لصالح التنمية، الرجل يصر على أن العقل هو مسرح عمليات المواجهة.
لكن الخطاب الرابع جاء أكثر جرأة وصراحة، لعله خطاب المواجهة والمصارحة والحقيقة، عندما قرر السيسى تنبيه المجتمع الدولى بأن مصداقيته على المحك، وفى موضع اختبار حقيقى لإنسانيته ولقدرته على الالتزام بالمبادئ والقوانين، بعدما أكد أنه لا مجال للحديث عن مصداقية نظام دولى يكيل بمكيالين، فيتحدث عن محاربة الإرهاب فى الوقت الذى يتسامح فيه مع داعميه وصناعه.
 فى هذا الخطاب عرض السيسى بنودا لرؤية مصر الاستراتيجية لوقف نزيف الدماء فى الشرق الأوسط، فى العراق وسوريا وليبيا واليمن، ليضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته الإنسانية والقانونية، السيسى تلى بنود الرؤية التى صاغها الضمير المصرى.. فجاءت على النحو التالى:
- الإصرار على التمسك بمشروع الدولة الوطنية التى تقوم على مبادئ المواطنة والمساواة وسيادة القانون وتواجه بحسم محاولات الارتداد للولاءات المذهبية.
- ضرورة المعالجة الشاملة والنهائية للقضية الفلسطينية بتأسيس دولة فلسطينية لتنزع عن الإرهاب إحدى أهم ذرائعه.
- المواجهة الشاملة والحاسمة مع الإرهاب لاستئصاله من جذوره، والقضاء على من يموله ويدعمه ويوفر له منابر سياسية وإعلامية.
- تضييق الفجوة الاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية.
- احترام مبادئ القانون وسيادة الدول كوسيلة وحيدة لتسوية الخلافات.
بهذه المبادئ قدمت مصر للعالم خريطة طريق للسلام والإنسانية.
الآن نحن على موعد مع الخطاب المصرى الخامس.. يتلوه الرئيس عبدالفتاح السيسى نداءً لضمير العالم، حتما سيؤكد الخطاب ثبات مبادئ الدولة المصرية، حتما سيؤكد الخطاب أن الحقوق والحقائق ليست محل مساومة من جانب الضمير المصرى، بل إن الخطاب سيؤكد أنه كلما زادت الضغوطات على مصر كانت أكثر استجابة لصوت الضمير الإنسانى ولصوت الحق والعدل والسلام.
فى الصدارة من الخطاب سيعيد السيسى تذكير العالم بخطورة الإرهاب على الإنسانية، وأن مصر هى عنوان المواجهة نيابة عن الإنسانية بأسرها، وأن الدولة الوطنية وحدها هى القادرة على دحره.
ستظهر سوريا بوضوح فى فقرات الخطاب لتعيد مصر التأكيد على خماسيتها المقدسة نحو الأزمة والتى سبق أن أعلنت بنودها منذ اللحظة الأولى.. (القضاء على جماعات الإرهاب - وحدة الأراضى السورية - وحدة الجيش السورى - حق تقرير المصير حصرى للشعب السورى - إعادة إعمار سوريا).
 لن ينسى الخطاب أرض العراق بل سيعيد التذكير بخطورة الطائفية والمذهبية البغيضة التى كادت أن تعصف ببلاد الرافدين.
من عمق الضمير المصرى سيتجه السيسى إلى ليبيا ليحذر من محاولات أطراف إقليمية تحويلها إلى مخزن لفلول إرهابها، وسيدعو إلى دعم الجيش الوطنى الليبى ورفع حظر تدفق السلاح لهذا الجيش لضمان تفوقه المشروع على تجهيزات ميليشيات الإرهاب.
سيسيطر الجرح الفلسطينى الغائر على عقل وقلب الخطاب ليعيد المطالبة بدولة فلسطينية تستطيع العيش فى سلام محتفظة بسيادتها وكرامة مواطنيها.
سيستكمل الخطاب مساره نحو اليمن لن يعيقه عن الوصول صعوبة التضاريس حتما ستتغلب عليها إرادة النوايا الصادقة لتدعو إلى وقف الاقتتال والترفع عن السماح لأى قوى إقليمية بأن تستخدم أى طرف يمنى لتحقيق أوهامه التوسعية.
أصداء الخطاب بصوته المصرى ستصدح فى جنبات القاعة منادية برفع الظلم التاريخى الذى تتعرض له القارة الإفريقية، النداء سيضع الحاضرين فى اختبار حقيقى لإنسانيتهم ولقدرتهم على تحويل الصياغات إلى دساتير للعمل والعطاء وضمان تدفق عوامل التنمية إلى إفريقيا.
فى جنبات القاعة سيرتفع صوت مصر مندوبا عن الإنسانية وعن الحق والسلام.