الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الغضبان المحترم»

«الغضبان المحترم»






خبران فى التوقيت نفسه تقريبا، الأول انتشر بسرعة كبيرة جدا، ملأ صفحات التواصل الاجتماعى، الكل أبدى من خلاله تعاطفا وإنسانية شديدة، ولا أستبعد أن يكون البعض بكى تأثرا وحزنا.
الخبر يقول، مواطن من دمياط – لم يسموه-  وقف عاجزًا عن شراء زى  مدرسى جديد لابنته، فذهب إلى معرض المستلزمات الدراسية فى ميدان الساعة وسط دمياط، وأخفى زيًا جديدًا داخل «كيس أسود» وتسلل خارجًا، ولكن كاميرات المراقبة فضحته.
لم ينته الخبر هنا، فحتى الآن هى جريمة سرقة، قد لا تتعاطف معها، باقى الخبر قال: «تجمع الباعة والأهالى حول الرجل، ومعه زوجته، سقط منهارًا أمام إصرار العاملين والمارة على إبلاغ الشرطة، ولم تفلح دموعه وزوجته فى إقناعهم بتركه».
هنا بدأ التصاعد الدرامى ، العاملون قد يكون لهم العذر  فى الإصرار على ابلاغ الشرطة، لكن المارة، لماذا ؟ .. لماذا هذه  الشدة، صاحب المعرض نفسه لماذا لم يحن قلبه لبكاء الرجل وزوجته، لماذا لم يعف عنه، ويعطيه الزى المدرسى هدية ؟!!
أسئلة تحيرك، تجعل تشكك فى صدق الرواية، وهنا لابد من بهارات أخرى، قنبلة دخان شديدة لتعمى العيون، توقف العقل عن التفكير.
الشرطة تحضر، يقف الرجل أمام المقدم محمد معوض  رئيس مباحث قسم أول دمياط، يقول: «كان نفسى أفرّح بنتى وهى رايحة المدرسة  أول يوم وسط زمايلها»، «هى بنتى ملهاش حق تفرح؟»، ويجهش  بالبكاء، فيخلى سبيله.
صورة الضابط المحترم تنتشر بسرعة الصاروخ، تملأ الصفحات، الكل يتسابق لعمل شير ولايك وتعليق
وماذا بعد؟.. لا شىء حقيقى، الرائد محمد معوض ينفى ويقسم على صفحته على الفيس بوك، أن الواقعة كلها مختلقة فلا زى تمت سرقته، ولا هو أخلى سبيل أحد.
هنا فقط نبدأ نفكر، كل ما سبق كذب، شائعة، اختلاق عقل مسموم، حرفية شديدة فى نشر الشائعة، والتصاعد الدرامى المحبوك فيها يؤكد أنها – الشائعة- عمل تم التحضير له جيدا، ويؤكد أننا مازلنا نوقف عمل العقل، نبغض التدقيق، لا نسمح لرأسنا بالعمل، ندمن مصمصة الشفايف حزنا، نسير مغمضى العينين  وراء عواطفنا.
الخبر الثانى لا أحد سمع به تقريبا، ويقول:  قررت محافظة بورسعيد ورجال الأعمال، التكفل بمصروفات الدراسة لتلاميذ المرحلة الابتدائية والإعدادية بأحياء الزهور والضواحى والمناخ.
خبر مهم، مبادرة تستحق المتابعة والإشادة، لكن رواد التواصل الاجتماعى لن يشعروا بها، لم يتم وضع البهارات، لم تكن هناك خطة لاستنزاف المشاعر، من أجل المزيد من «اللايك والشير»  لم يتفتق ذهن المحافظ المحترم اللواء عادل الغضبان، لاختلاق واقعة أب يذهب بابنه إلى الورشة صباحا ويقابله المحافظ صدفه ويسأله لماذا لم يذهب للمدرسة، فيبكى الأب، لم أدفع المصروفات، فيبكى المحافظ ويجمع رجال الأعمال ليبكوا معه، ويقرروا دفع المصروفات عن الآباء فى 3 أحياء ببورسعيد  وليس للطفل وحده!!!
لم يبحث المحافظ المحترم، عن شو إعلامى، لم يقم بالأمر من أجل البروباجندا، وهذه عادة اللواء المحترم عادل الغضبان.
الرجل يتحرك ويعمل دون صخب إعلامى، فهو المحافظ الوحيد الذى قضى على الدروس الخصوصية « أغلق «الساناتر» بالضبة والمفتاح العام الماضى، تحمل مظاهرات، وهجوما من مافيا المدرسين، برامج توك شو كاملة عملت ليل نهار ضده، لم يتراجع، استحدث نظاما للدروس داخل المدرسة، بربع ما يدفعه أولياء الأمور تقريبا،  أجبر مدرسى الدروس الخصوصية على  الدخول فى  المنظومة، وإلا فلا عمل لهم، افتتح حسابا بنكيا للدروس الخصوصية، الحصيلة 27 مليون جنيه فى 8 شهور فقط، المدرسون أخذوا منها 90% والباقى تم توجيهه لصيانة المدارس .
ربط التعليم الفنى، بالمصانع، التلاميذ تخرج بعد الطابور، إلى المصانع، تعمل، تنتج، ويحصل التلميذ على 1500 جنيه أجرا شهريا!
اللواء عادل الغضبان صاحب تجربة، تستحق أن تدرسها وزارة التربية والتعليم، فى كيفية  إجبار تلاميذ الثانوية العامة على العودة للفصول.
اللواء المحترم صاحب تجربة تستحق الاحتفاء بها فى مواقع التواصل الاجتماعى بدلا من الاحتفاء بالشائعات.