الجمعة 2 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شظايا النصوص

شظايا النصوص






هل تذكر التحذيرات التى كان يسوقها إلينا من كان قبلنا من طلبة كلية الحقوق...احترسوا المناهج كبيرة والمراجع القانونية لا تقل عن ألف صفحة للمادة الواحدة...والمواد كثيرة ومتشابهة....مقدمة الجنائى ألفي صفحة....هذا دفع بالكثير منا إلى تجنب تلك الكلية بالرغم من أنها كانت الكلية الأولى فى فترة ما قبل ثورة يوليو1952...ربما لأن قضية مصر آنذاك كانت تحتاج إلى مرافعة ودفاع لاستجلاب الحق وذلك فى المحافل الدولية... بدأت تلك الموجة مع ثورة 1919 والوفد المصري....
ربما الخوف من المراجع الكبيرة هوما دفع البعض إلى دخول القسم العلمي...ربما للاقتراب من الأرقام والجداول والابتعاد عن النصوص الكبيرة والفلسفة وخلافه.....هذا فى زمن ما قبل انتشار الحاسب الآلى وبالطبع  قبل انتشار شبكة الإنترنت ....
بالطبع كنا أكثر ارتياحا بالبعد عن هذه الأحجام الكبيرة من المراجع والكتب الضخمة....مصطلح «كتيب» كان ولايزال يبعث فى أنفسنا الراحة والإحساس بالسهولة والبساطة...كنا ننظر للكتيب على أنه لن يزيد عن مائة صفحة من القطع الصغير...نعم....مائة صفحة عن موضوع واحد كنا نطلق عليه كتيب....جيلنا يذكر روايات الجيب وميكى جيب وغيرها من الكتيبات...كنا لا نعدها من الثقافة الحقيقية أن نكتفى بقراءة تلك الأنواع من المطبوعات....
ثم جاء عصر الإنترنت...بدأ الإنترنت بصفحات مكتوبة...منقولة من كتب ومقالات بالجرائد المختلفة....مجرد نقل من الوسائط الورقية إلى الوسائط الإلكترونية...ثم تطور الأمر بعد ذلك بإضافة ما اسميناه «الوسائط المتعددة»...فظهرت أول صفحة ويب بها «صوت» ثم الصفحة التى تحتوى على مقطع متحرك «فيديو» فى منتصف الكلام أوفى آخره....
ومع ازدياد الاعتماد على شبكة الإنترنت والاتصال السريع...تضاءل حجم النص المقدم فى المقال أوالكتاب الإلكترونى وتزايدت مساحة الصور ومقاطع الفيديو...الآن أصبح المقال مقسما إلى أجزاء ....ثمانية أوعشرة أجزاء...المقال يقسم إلى عشر أفكار...تتم كتابة رأس الفكرة بخط كبير ثم تتم كتابة سطرين أوثلاثة على أكثر تقدير لكل فكرة....ثم أصبح القراء لا يقرأون التفاصيل ويكتفون برؤوس الأفكار فقط....انقسم النص إلى أقسام...وكل قسم إلى شظايا ....انفجار إلكترونى أدى بنا إلى الاكتفاء بتلك الشظايا...الأخطر فى الأمر ليس الاكتفاء بتلك الشظايا فقط....ولكن أيضا البناء على تلك الشظايا بصورة غير سليمة مما يؤدى إلى أفكار مغلوطة أومفاهيم غير سليمة تماما..انتقال هذا الأسلوب للأجيال الجديدة سيجعل كليات مثل الحقوق والآداب وغيرهما من الكليات فى خطر...لايمكن للمحامى أن يتقدم بدفوع فى قضية عبارة عن سطرين...ولن يمكن لأى قاض أن يحكم من خلالهما....لكن الأسلوب القديم التقليدى بحاجة إلى التطوير أيضا.لا إلى هذا ولا إلى ذاك...منطقة فى المنتصف هى ما نبتغى....وللحديث بقية0ٍ}ٍ}