الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العالِم الذى نهينه

العالِم الذى نهينه






أدفع لابنتى فى الثانوية العامة 4 آلاف جنيه شهريا دروس خصوصية.. .. قبل بدء الدراسة بشهرين، دفعت الاف أخرى فى عملية حجز مكان وثمنا لملازم عند المشاهير من أساطين الدروس الخصوصية، أشارك مجبرا فى إفساد وفساد المنظومة التعليمية، عدة الاف أخرى دفعتها مصاريف دراسية فى مدرسة لا تفتح فصولها ولا أبوابها لمدرسى وطلبة الثانوية العامة، وحارس البوابة الرئيسية يتكفل تماما بتغطية الغياب، الشهادات المرضية بالاتفاق مع طبيب قريب من المدرسة جاهزة لمن يدفع، كل ذلك أدفعه مجبرا، لأساهم وأكون شريكا رئيسيا فى منظومة الفساد الضاربة فى أوصال التربية والتعليم.
لن أخفيكم سرا، التجربة التى أعيشها مؤلمة ومبهجة  بشدة، البهجة تأتى لأنه تعليم حقيقى واهتمام غير عادى من الطلبة وأولياء الأمور والمدرسين، منظومة متكاملة متناغمة بشدة، مواعيد محددة بدقة، مساعدون لكل مدرس لشرح ما لم تستوعبه، إمكانية تعويض الحصة وحضورها مجانا فى «سنتر» آخر يعمل به نفس المدرس، امتحانات شهرية حقيقية، وعقاب فورى قد يصل للطرد من المنظومة لمن يتكاسل، وجوائز للمتميزين، ملازم طباعة فاخرة، حسابات على الإنترنت تدخل اليها باسمك و»باسورد» تتسلمه فى أول حصة.
 عبر الإنترنت تستمع للمزيد من الشرح والتفاصيل، ويمكنك التواصل مع المدرس نفسه.. تعليم بغض النظر عن محتواه إلا أنه نموذج ممتاز!
الألم من التجربة يأتى بسؤال: لماذا لا تكون مدارسنا هكذا، لماذا نساهم جميعا فى فساد وإفساد غير عادية لأبنائنا، نضغط عليهم بعنف للمذاكرة والحصول على مجموع كبير، نعلمهم الكذب، بشهادة مرضية لزوم التزويغ من منظومة الحضور والغياب، نعلمهم التحايل على القانون، نخلق منهم شخصيات مشوهة نفسيا.
عندما جاء الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، ليتصدى للمنظومة الفاسدة، يعالج الخلل، يضع روشتة علاج للخروج والشفاء، لم نسانده، لم يجد منا سوى ما نجيده، تسفيه ما يفعل، إهانته والهجوم الشديد عليه، تحولنا جميعا لخبراء فى التعليم، نريدها فاسدة، نريدها كما هى نشكو منها نعم، لكنها فرصة لتعليق  «خيبتنا القوية» فى كل شىء على التعليم!
الدكتور طارق شوقى الذى يهاجمه الفسدة المفسدون، ويساندهم  مدمنو  الجلوس على الكيبورد لممارسة النضال الافتراضى والوهمى،  خبير تعليم فى اليونسكو، ومسئول عن تطوير  أنظمة التعليم فى 23 دولة، وعالم رياضيات وميكانيكا، وعميد كلية العلوم والهندسة بالجامعة الامريكية، واستاذ دكتور فى أعرق المؤساسات التعلمية  “ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT” .
  حاصل على الجائزة الرئاسية الأمريكية للتفوق البحثى عام 1989، قاد تنفيذ العديد من المشروعات حول العالم فى مجال تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فى التعليم والعلوم والثقافة حتى تبوأ منصب مدير مكتب اليونسكو  الإقليمى فى الدول العربية.
هذا هو العالم الذى نهينه ليل نهار، هذا هو الرجل المسئول عن 22 مليون طالب، يدرسون فى 55 ألف مدرسة، ويعلمهم نحو مليون و300 ألف معلم.
 هذا هو الرجل الذى وضع برنامج تطوير التعليم،  وجدد حلم إعادة صياغة التعليم المصري.
 هذا هوالرجل الذى يهاجمه رعاة الفساد، وحولناه بجبروتنا، لراجل لا يفهم، جاء ليجرب، لا نعترف بأنه جاء ليصلح، ليغير أخطاء ورثناها ونعيش فيها، والعجيب أننا نشكو منها .
لا بد من اشتراك الجميع فى تفهم حجم التغيير فى المنظومة التعليمية الجديدة.
تحالف الفسدة، والمستمتعين بالوضع المزرى للتعليم فى مصر، يقودون الحملة ضد وزير التربية والتعليم، لا يؤمنون بالدخول فى التجربة، يروها نارا ستحرقهم، وليست نارا تنير لهم الطريق.