
حازم منير
إخوانجى لكن مش إخوان
هل صحيح أن اتهام جماعة الإخوان الإرهابية بالتآمر على مصر ورسم مخططات وتنفيذ مؤامرات ضد الوطن مجرد اتهامات جوفاء وإدعاءات وهمية لا توجد أدلة تساندها؟ وهل صحيح أننا نبالغ فى هذه الاتهامات لندرء عن أنفسنا المسئولية فى مشكلات نواجهها وسياسات خاطئة تنفذها الدولة ؟ وأخيرًا هل صحيح أن اتهام الإخوان بالتآمر على الدولة محاولة لخلق «فزاعة» يتم استخدامها لتخويف الناس من خطر مُختلق على البلاد؟
منطق المؤامرة التى يطلقون عليها أحيانا مخططات سياسية جزء من قواعد السياسة الدولية، وأغلب دول العالم وخصوصًا الكبرى منها لها سياستان واحدة معلنة والثانية سرية، والمصالح الدولية تقتضى على الحكومات فى أحيان كثيرة أن تتبنى سياسات داعمة مُخالفة لسياسات أجهزتها الأمنية الهادمة وهى أساليب تُتبع دائما مع الدول المستقلة الرافضة للتحول الى أدوات فى أيدى الدول العظمى لتظل تحت ضغط يتيح فروض بعض الشروط عليها أحيانا.
وبمناسبة ذكر الأدوات فإن بعض الجماعات تتقبل أن تتحول إلى أدوات فى مواجهة أوطانها كونها عاجزة عن تقديم نفسها للشعب بديلا وخصوصا حين تفقد مصداقيتها ويُزاح الستار عن أهدافها الحقيقية، فلا تجد هذه الجماعات سوى التحول الى أداة فى محاولة للحفاظ على قوة حماية تضمن لها الاستمرار فى صراعها والبقاء بأى ثمن، وهى الحالة التى نواجهها منذ أحداث يناير وحتى الآن.
الأخطر من المؤامرة محاولات تسفيه المؤامرة، واعتبار أنها – المؤامرة – جزء من الخيال السياسى، وهى محاولات خبيثة لأنها فى حقيقة الأمر جزء مهم وحيوى من المؤامرة تستهدف إلهاء الناس عن حقيقة الأمر وإبراء المتآمرين وإلصاق الاتهامات بالدولة، وتصبح النتيجة تبديل المواقف باتهام المُتآمر عليهم بأنهم متآمرون وإتاحة المجال واسعًا للمتآمرين الحقيقيين بمواصلة مؤامراتهم.
والحقيقة أننا نعيش هذه الحالة فى المشهد السياسى، حين تقوم جماعات لا تنتمى تنظيميًا للجماعات الإرهابية بلعب الدور الاساسى فى التسفيه والسخرية من نظرية المؤامرة، والهدف إبعاد الاتهامات عن المتهمين الحقيقيين وتحميل الدولة مسئولية ما نعانيه، وهذه الجماعات فعليًا ليست من صلب تنظيم الإخوان الإرهابى، لأنهم ليسوا إرهابيين، لكنهم جزء حقيقى من الفكرة الإخوانية وحائط صد قوى للدفاع عن أفكارهم ومخططاتهم.
هذه المجموعات غير الإخوانية بعضها يسارى والآخر ليبرالى تنتقد أحيانا الإخوان، وهو أمر طبيعى كونهم أيديولوجياً مختلفين، لكنهم فى نفس الوقت وبسخريتهم من اتهام الاخوان بالتآمر يسهمون فى الدفاع عنها والترويج لأفكارها ومخططاتها فيصبحون بذلك «إخوانجية لكنهم ليسوا اخوانًا».
هذه الجماعات السياسية لا تملك تصورًا لقيادة الدولة، وتفتقد أداوت التعامل مع الناس، وهذه ليست أحكاما ظالمة ضدهم، لكنها حقيقة أثبتتها التجارب على مدار حقب وعهود عدة، كانوا خلالها ليسوا أكثر من أدوات فى ايدى جماعة الإخوان الإرهابية يستفيدون منهم فى استثمار حالات الاحتقان المجتمعى وتحويلها لصالحهم حزبيا وسياسيا.
من هنا فإن هذه الجماعات تروج للمخططات والمؤامرات ضد الدولة حتى ان لم تشارك فيها اوتكون جزءًا من عضوية الجماعات الإرهابية، وهى تردد نفس الشائعات والاتهامات والأكاذيب وتمارس نفس عمليات التحريض ضد الدولة وتلعب دور المُروج والحامى والمُتستر على جرائم الارهابيين ومؤامراتهم ومخططاتهم السياسية من خلال التسفيه والسخرية من فكرة المؤامرة .
هذه الجماعات السياسية إخوانجية رغم أنهم ليسوا إخوانًا.