الأمل وقصص الأنبياء
من يتأمل فى القصص القرآنى يجده مفعمًا بالأمل، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): ” قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ” (الحجر : 54-56)، ويقول سبحانه: ” وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ” (هود : 71-73) .
وهذا زكريا (عليه السلام) يدعو ربه فيقول: ” قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ” (مريم : 4)، ثم يقول سبحانه: ” فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ” (الأنبياء : 90) .
وهذا سيدنا أيوب (عليه السلام) يدعو ربه فيقول: ” وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ” (الأنبياء : 83-84) .
وسئل بعضهم أى آية فى القرآن الكريم أرجى ؟ ، فقال قوله سبحانه : ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” (الزمر : 53).
فلا ييأس مريض من مرض مهما كان مزمنًا أو عضالاً، فإذا قال لك الأطباء : لا أمل، فتعلق بمن أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون ، ولك فى نبى الله أيوب (عليه السلام) أسوة حسنة ، وإن كنت عقيمًا لا تنجب فلك فى نبى الله إبراهيم (عليه السلام) ونبى الله زكريا (عليه السلام) أسوة حسنة، وإن قيل لكم : إن الناس قد جمعوا لكم وتألبوا عليكم فاخشوهم فلكم فى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه أسوة حسنة، حيث يقول الحق سبحانه : “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ” (آل عمران : 173-174) .
وإن كنت فى فاقة من المال فاعلم أن غنى اليوم قد يكون فقير الغد، وفقير اليوم قد يكون غنى الغد ، يقول الحق سبحانه وتعالى: ” وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ”.
على أن الأمل الذى نسعى إليه هو الأمل المبنى على العمل والأخذ بالأسباب، وإلا كان أملاً أجوف لا طائل منه ، فقد كان سيدنا عمر (رضى الله عنه) يقول: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول : اللهم ارزقنى فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة .