الأربعاء 6 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التحرر «الوطنى» الاقتصادى

التحرر «الوطنى» الاقتصادى






فى ذكرى انتصارات أكتوبر التى حققت التحرر الوطنى من نير الاستعمار.. تقف بلادنا أمام تحد صعب كأمواج عاتية وطموحات لها شراع ومجاديف لشق طريق التحرر الاقتصادى.. ذلك الحلم الذى لا يقل أهمية عن تحرير البلاد من المستعمر.
ولا يعنى التحرر الاقتصادي، كما يظن البعض، الانفصال عن العالم والانكفاء على الذات، لكنه يعنى الاندماج مع الاقتصاد العالمى بقوة وندية وامتلاك الأدوات التى تجعل البلاد ذات ثقل وتأثير وتضمن اتخاذ القرارات الاقتصادية بعيدًا عن الضغوطات والاملاءات، وتضمن للمواطن مستوى معيشى جيدا.
وفى طريقنا نحو التحرر الاقتصادى، ثمة شروط مهمة لابد من تحقيقها.. هذه الشروط تتمثل فى تحقيق التحرر للفرد والمؤسسة والتشريع.. وتحقيق التحرر للفرد لن يأتى إلا فى نظام إدارى جيد يضمن تحقيق العدالة فى الأجور والترقيات وبيئة عمل تشجّع على زيادة معدلات الانتاجية، ولا ينفصل عن ذلك تأهيل الفرد وتدريبه للقيادة وأداء المهام المنوطة به، إلى جانب توفير الأدوات اللازمة لإطلاق وإدارة المشروعات الخاصة، وهذه المهام تتوزع بين الحكومة والقطاع الخاص.
وقد بدأت وزارة التخطيط والمتابعة والاصلاح الإدارى أولى الخطوات نحو تحقيق هذا الشرط ببرنامج لتأهيل الموظفين بالجهاز الإدارى للدولة، إلى جانب إصدار قانون الخدمة المدنية وغير ذلك من إجراءات مرتبطة.. لكن مهام تطوير الفرد ليكون عنصر قوة فى المنظومة الاقتصادية يحتاج إلى الكثير من الجهد المتواصل.
كذلك الأمر بالنسبة إلى تحرير المؤسسات من البيروقراطية والفساد والرشاوى والتأخر التكنولوجى، فهو أمر ليس بالسهل، لكن الدولة بدأت الطريق فى هذا الاتجاه، وما تقوم به الرقابة الإدارية من جهد غير مسبوق لمواجهة الفساد يسرّع من وتيرة الإصلاح، ويعيد الانضباط داخل المؤسسات التى تتحكم فى كل صغيرة وكبيرة باقتصاد الدولة، كذلك فإن إعادة تأهيل المؤسسات وإطلاق الجديد منها القادر على مجاراة التطور فى الاقتصاد العالمى أمر ضرورى ومهم، وهنا لا بد من الإشارة إلى مشروع الصندوق السيادى الذى من المتوقع أن يحدث تغييرًا كبيرًا فى دور الدولة الاقتصادي.
ويتكامل مع تحرر المواطن والمؤسسات، تحرير البيئة التشريعية من القوانين المعوّقة للاستثمار والتنمية، والقضاء على التضارب بين القوانين المختلفة، وهنا فقد قامت الدولة فى الفترة الأخيرة بإصدار حزمة من القوانين الاقتصادية ومنها قانون الاستثمار الجديد وقانون للافلاس وثالث للشركات، وكذلك قانون للعمل، وكل هذه التشريعات تفتح الأبواب نحو زيادة حجم الاستثمار، وخلق الاستقرار للسوق، إلا أن ما تم تحقيقه فى هذا الشأن يعتبر خطوة.. فالطريق طويل لتنقيح التشريعات المشوهة والمعوّقة للتنمية.
لكن مهما صعبت التحديات ومهما كان الطريق نحو التحرر الاقتصادى معقدًا وطويلا علينا أن نتذكر «كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء»، هذا ما قاله الرئيس الراحل أنور السادات فى كلمته احتفالا بانتصار أكتوبر.. وذلك ما يجب أن نتذكره ونستلهم منه روح الانتصار أمام جميع التحديات.