السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فى مسائل التحرش

فى مسائل التحرش






 البعض لا يعرف أن اتهامات التحرش لا تقتصر على الرجال فقط، وإنما هناك أيضا تحرشات نسائية بالرجال، وهى توصيفات شائعة فى كل بلاد العالم وترتقى إلى مستوى الجريمة، لكننا فى مصر لا نتحدث إلا عن جريمة تحرش الرجل بالمرأة ولا حديث مطلقا عن الجانب الآخر من تلك الجريمة المؤلمة نفسيا وإنسانيا للمُعتدى عليه.
فعل التحرش اتهام شنيع للرجل فهويقلل من شأنه ورجولته، ويؤشر لمرضه النفسى، ويؤكد ضعف شخصيته وفقدانه للثقة فى النفس، وشذوذه عن القاعدة البشرية الطبيعية، لذلك فإن توجيه الاتهام فى هذا المجال يجب أن يعتمد على أدلة واضحة وقوية ومُسندة إلى وقائع.
حركات مناهضة التحرش شهدت فى الآونة الأخيرة وخصوصا بعد بروز جماعة « ME TOO» صعودًا وانتشارًا على مستوى الكوكب، ففى أوروبا مثلا بعض المؤسسات تُشجع العاملات فيها على كشف ماتعرضن له من محاولات تحرش وتحيطهن بالحماية والرعاية، وتتخذ إجراءات قانونية ضد المتحرشين إذا ما ثبُت عليهم ذلك.
مناهضة التحرش ومواجهته عملية غاية فى الأهمية لما تمثله من حماية لقيم إنسانية مهمة، ورعاية مطلوبة للبشر وحماية من تداعيات ونتائج سلبية عديدة تنتج عن هذا الفعل الإجرامى، وهى تُضفى سلامًا اجتماعيًا لا يجب التقليل من شأنه.. لكن ذلك لا يمنع من الحديث عن تداعيات سلبية فى المقابل خصوصا فى بلدان تعانى ثقافتها من بعض النواقص وتسعى جماعات وحركات اجتماعية فى هذه البلاد لتوسيع الفعل المضاد لهذه الجريمة بالتحريض ضده على نطاق واسع.. لا أستطيع مثلا تصديق أن 99% من إناث مصر سيدات أوفتيات كبارا أوصغارا تعرضن للتحرش من الرجال سواء فى الطرقات العامة أو فى أماكن العمل، ولا أن كل 4 أجنبيات من بين خمسة منهن تعرضن للتحرش من الرجال المصريين أثناء تجولهن فى الأماكن العامة.
 ولا يجب استخدام هذا الاتهام الشنيع فى الترويج لمخاطر هذه الجريمة وتعبئة الرأى العام ضدها، فادعاء الفعل وثبوت عدم صحته سيفقد الناس الثقة فى جماعات مكافحة اتحرش، وسيقلل من قيمة اتهامات قد تكون صحيحة لكن كثرة الترديد بلا دلائل سيُهدر قيمتها.
استمعت ذات مرة فى جلسة علمية الى فتاة قالت: إنه تم التحرش بها خمس مرات فى شارع واحد أثناء سيرها واعتبرت أن نظرة أحد الرجال لها وهويمر بجوارها من دون التعرض لها قولا أو فعلا كانت تحرشا واضحًا، هناك وقائع عديدة أخرى لا أقصد بها التقليل من شأن الأمر وإنما أقصد التدقيق لتوفير مناخ صحيح وقابل لاجتذاب الناس ضد هذه الجريمة.
نحن فى احتياج لتعديلات تشريعية بصياغات صارمة لمواجهة هذه الجريمة، وتوصيفات محددة لمعانى التحرش ووقائع هذه الجريمة وتصنيفها، كذلك نحتاج الى أدوات ووسائل تساعد على إثبات حدوث حالة التحرش بالمُتحرش به، والعالم حولنا يملك من الخبرات والتجارب فى هذا المجال ما يُساعدنا فى هذا الشأن.
يا ترى هل سيتجرأ البعض ونستمع قريبا لاتهامات رجال بتعرضهن للتحرش من نساء؟