الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«صناعة الكذب»

«صناعة الكذب»






معلومات مجلس الوزراء ينفى 7 أخبار كاذبة، لايكاد يمر أسبوع واحد دون قراءة هذا العنوان، مشكورا معلومات مجلس الوزراء يحاول أن يتابع، يتقصى الحقيقة، يسأل الجهة المختصة .. يعلن الحقيقة، لكن للأسف، الخبر المكرر لايجد صدى واسعا مثل الشائعة نفسها التى ولدت فى «بوست» «كوميكس» لطيف، وبسرعة الشير واللايك باتت حقيقة!0
الإعلام  فى مصر لايهتم كثيرا بتحليل الظاهرة، لانقابة الصحفيين، ولا المجالس الثلاثة المختصة بتنظيم المهنة، فلم نر بحثا واحدا عن الظاهرة وتأصيلها، لم نجد جهودا حقيقية لنشر كيفية اكتشاف الأخبار الكاذبة، دورات وورش عمل للتحقق من الأخبار، فللأسف الكثير ممن يمارسون المهنة يساهمون بشكل كبير فى الترويج للأخبار الكاذبة، إما بحثا عن «ترافك» أو بحثا عن نسب مشاهدة، الكل يكتفى بعد أن تكون الأخبار الكاذبة قد حققت كل شىء  بالنفى، الكل يشكو، لكن لا أحد يتحرك.
الإعلام فى فرنسا على العكس تماما، الظاهرة المحيرة المقلقة تسيطر على مراكز البحث فى باريس، التأصيل لظاهرة الأخبار الكاذبة، كشف أنها بدت واضحة تماما فى  القرن السابع عشر، وهو  ما يعرف بـ«الكانارد»، وهى نوع من منشورات مطبوعة سيطرت على صناعة الأخبار الكاذبة فى شوارع باريس لقرنين على الأقل، وكانت تسرد قصصاً ملفقة وانتقادات لاذعة ضد المشاهير، وتحتوى على  رسوم لإثارة اهتمام السذج – كلمة السذج من البحث الفرنسى.
ويعتقد الباحثون فى فرنسا أن هذه المنشورات لعبت دوراً مهماً فى المرحلة السابقة للثورة الفرنسية، وأسهمت فى إثارة الكراهية الشعبية نحو شخص الملكة مارى أنطوانيت، التى انتهت بإعدامها علناً عام 1793.
التأصيل للظاهرة أكد أن القصة المنقولة عن مارى أنطوانيت  بأنها تساءلت: «لمَ لا يأكل الشعب الكعك إن لم يجد الخبز؟!»، هى تلفيق من إحدى الـ«كانرادات» التى نشرت  أخبارها الكاذبة بحثا عن المزيد من التوزيع مستغلة الأجواء الفرنسية المحتدة وقتها.
مراكز البحث تعمل ليل نهار ليس لتأصيل الظاهرة فقط، ولكن أيضا لحلول جذرية خاصة بعد أن اجتاحت تلك العالم مع صعود الشبكات الاجتماعية.
طاقم تخطيط السياسات CAPS ومعهد الأبحاث الاستراتيجية IRSEM الفرنسيين  قدما تقريرا مفصلا يتناول بالشرح والتحليل هذه الظاهرة، بعنوان «المعلومات المضللة.. تحد كبير لديمقراطيتنا».
الأمر لم يتوقف عند مراكز البحث، موقع صحيفة «ليبراسيون» فاجأ القراء بهذا الإعلان « لدى الموقع رصيد، ومهمّة أيضاً.
«ليبراسيون تطلق Check News، أول موقع للتحقق من الأخبار فى خدمة مستخدمى الإنترنت. ويجيبكم مباشرة صحفيو خدمة Désintox، - المعنى الأقرب لها فى العربية المدققون - ويكشفون عما هو حقيقى وزائف. اسألوا على CheckNews.fr، ونتحقق من أجلكم!»
الإعلان فى ليبراسيون،لاقى نجاحا كبير، انهالت الاتصالات، والاستفسارات عن الأخبار الكاذبة، وبدأ الفريق يبحث ويدقق ويرد بالأخبار الحقيقية .
«ليبراسيون» فتحت  الباب  أيضا فى توقيت محدد يوميا  «لإجراء حوار مباشر بين صحفييها والقراء حول الأمر نفسه» ومن خلال الحوار يتم تعريف القراء بكيفية كشف الأخبار الكاذبة . 
على المستوى الرسمى الفرنسى أيضا الظاهرة تتم دراستها، والبحث عن حلول جذرية لها،الرئيس الفرنسى «ماكرون» فى الاحتفال السنوى للصحفيين، أعلن أنه سيعمل على  تعديل قانون الإعلام لمحاربة انتشار «الأخبار الكاذبة»، وستكون منصات التواصل الاجتماعى تحت المراقبة بشدة خاصة فى فترات الانتخابات، حتى لايساء استخدامها وقال: إنها تعتبر خطرًا يهدد الديمقراطية والسياسات الداخلية للدولة.
لم يكتف ماكرون بذلك، بل أعلن عن تعزيز سلطات هيئة ضبط الإعلام المرئى والمسموع لمكافحة أى محاولة إخلال تجريها خدمات تليفزيونية خاضعة لسيطرة أو تأثير دول أجنبية على حد قوله.
يبقى أن أقول لكم إن  مناقشة مشروع القانون  والذى أطلقوا عليه «ضد التلاعب بالأخبار» يناقش بقوة فى البرلمان ويدخل حيز التنفيذ بحلول موعد الانتخابات الأوروبية فى 2019 .