سينما و فنون الطفل (2)
كيف بدأت مصر و العالم العربي المحاولات الأولى لإنتاج سينما الطفل و لماذا توقفت تلك المحاولات رغم جديتها فى البداية من الدولة المصرية ؟
الجدير بالذكر أن مصر بدأت بتخصيص إنتاج أول خمسة أفلام للأطفال فى الستينيات، ورصدت لها الميزانيات وقام المخرج أحمد كامل مرسي بإخراج أول هذه الأفلام عن قصة للكاتب الكبير يحيى حقي تحت عنوان «السلم اللولبي» وحين جاء الوزير وقتها ليشاهد الفيلم، انصرف بعد فترة معلنا أن ما شاهده ليس فيلما للأطفال وعليهم أن يراجعوا أنفسهم، وتوقف مشروع إنتاج الخمسة أفلام تماما، لكن المحاولة عادت مرة أخرى من قبل هيئة السينما علي يد المخرج فريد المزاوى الذى كان يعمل مستشارا للسينما فى الثقافة الجماهيرية وبدأ فى إخراج فيلم الرسوم المتحركة العصفورة عزيزة، والجدير بالذكر أن الفيلم قد فاز بجائزتين تقديريتين فى المسابقة الدولية لسينما الأطفال، وقدمت مصر بعدها عدة أفلام ؛مثل خمسة واحد، قصة شجرة،الأراجوز فرقع لوز، زيزى الشقية،السندباد الأخضر ونرجس، وقد قامت وحدة إنتاج السينما بالثقافة الجماهيرية وقتها بإنتاج العديد من تلك الأفلام، و لكن عدد هذه الأفلام بالطبع لا يذكر أمام أدوات الإنتاج التي كانت متاحة، والإمكانات المالية التى كانت متوفرة إلى حد ما، ولم يتم استغلالها كما ينبغى، فقد كانت السينما المصرية المصدر الثانى للدخل بعد القطن، و حاولت بعض الدول العربية مثل العراق إنتاج فيلمين أحدهما كرتون والثانى عرائس، كما حاولت منظمة التحرير الفلسطينية إنتاج فيلما عن رسوم الأطفال بمعسكرات اللاجئين .
ومن التجارب المصرية لسينما الطفل التى حققت نجاحا طيبا كانت فيلم قصة شجرة الذى كتبه محمد عبد العزيز و قام بإعداد السيناريو أحمد أدواره وأخرجه عبدالقادر التلمساني وقام بتصويره حسن التلمساني وبلغت مدة عرضه حوالي 30 دقيقة ، كان إنتاج الفيلم نموذجا للتعاون بين ثلاثة جهات؛ الهيئة العامة للسينما فى مصر ووزارة التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وقد وصلت الميزانية إلى 18 ألف جنيه، لم تتكلف هيئة السينما منها إلا ستة آلاف فقط، وأعطت الهيئة لكل جهة ما قيمته نسخا من الفيلم، ورغم بعض الملاحظات الموجودة على الفيلم إلا أنها كانت خطوة مهمة وتؤكد أن التعاون يفعل المعجزات، ومن الملاحظات التى كانت ضد الفيلم؛ موضوع الفيلم نفسه الذى لم يكن مقنعا فى كثير من أجزائه ، واعتماده على اللقطات العامة فى تصويره، فصار يشبه الأفلام التسجيلية التى لا يحبها الأطفال كثيرا، زيادة كثرة الحوار وتعدد الأفكار وبعض الأمور الساذجة التى يصعب أن يقتنع بها الطفل .
من الأسباب القوية التي أدت لعرقلة هذا الفن بالعالم العربي؛ منافسة الإنتاج الأجنبي للإنتاج العربي؛ فالمنتج متوفر ورخيص الثمن، لذا صار شراء الفيلم أوفر وأسهل، ثانيا ندرة الكوادر المدربة على صناعة فيلم الطفل، فلا توجد تقريبا أقسام تخرج المتخصصين فى سينما الأطفال، وأعتقد أن ذلك عنصر أساسي ومهم لتخلف هذه الصناعة، و ترتب على ذلك أن معظم الأفلام التى تم إنتاجها كانت أفلاما عن الأطفال و ليست للأطفال، و لم يتم تقديمها بالأساليب التى تناسب الطفل وتشوقه لرؤيتها و احتوت على أخطاء جعلتها غير مناسبة للأطفال، كما فقدت تلك الأفلام الموصفات الخاصة لفيلم الأطفال، مما لم يشجع أولياء الأمور أن يغامروا بإحضار الأطفال لدور العرض، كما أن قلة الأماكن المخصصة لعرض أفلام الأطفال سبب آخر، و يعتبر فيلم «الأميرة والأقزام السبعة» الذى لم يستمر عرضه أكثر من أسبوعين فى أحد دور العرض الشهيرة بالقاهرة دليل علي صعوبة التسويق رغم المجهود الذى بذل لمده عام لدبلجة الفيلم.