الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العبور الدبلوماسى

العبور الدبلوماسى






ذات يوم. والأحداث العصيبة تتلاحق. عقب ثورة يونيو وعزل محمد مرسي. المجتمع الدولى يخنق مصر إلا من السعودية والامارات والكويت والبحرين فقط. الاتحاد الافريقى يجمد عضوية مصر. مصر التى أنشأته. الاتحاد الاوروبى يجهز قرارا بعقوبات اقتصادية وسياسية فاتكة. الولايات المتحدة تبدأ سلسلة من العقوبات الاقتصادية والعسكرية القاتلة. منظمات وهيئات دولية تحاصر الدولة.

سماء ملبدة بالغيوم. رعاديد وسحب. أعاصير إعلامية وصحفية عالمية مستعرة تنهش. وضع اقتصادى يتجه للإفلاس. هنا وقفت الدبلوماسية المصرية فى مفترق طرق. إما تكون أو لا تكون. حل الظلام فى الأفق. وقفت الساعة عند تلك اللحظة. كانت لحظة تاريخية خطيرة. تشبه ساعة ولادة قيصرية فى خلاء.

فى ذات الليلة. همس الرئيس السيسى فى أذن المجتمعين حوله فى لقاء دعا له عددا من الصحفيين والاعلاميين. سألوه عن الملف الخارجى وخطورته وصعوبته وتأثيره الذى لا يرون له مخرجا. ابتسم الرجل الذى تحمل المسئولية فى أخطر وقت عرفته الدولة المصرية على الإطلاق. أخطر من لحظة يونيو ٦٧. أخطر من لحظة الساعة 2 من ظهر السادس من اكتوبر ٧٣. أخطر من لحظة اغتيال الرئيس السادات وسط قواته. أخطر من انهيار مؤسسة الشرطة ليلة الثامن والعشرين من يناير ٢٠١١. أخطر من لحظة تنحى الرئيس مبارك. أخطر من لحظة ما بعد عزل محمد مرسى وقيام ثورة يونيو . أخطر من كل ذلك لمن ألقى السمع وهو شهيد.

فى تلك الأنواء الحالكة قال الرجل فى هدوء نفسى مصحوب بألطاف سماوية: اتركوا الملف الخارجى لى وأنا كفيل به!
كانت كلمات صاعقة مغلفة بالأمانى والأمنيات. لقد كان المهمة مستحيلة. بدا وكأن الرجل وفريقه الرئاسى فى رحلة انتحار جماعى.
عندما تتأمل السنوات الأربع الماضية تجد أن المعجزة تحققت. السيسى يدير الملف ولأول مرة فى تاريخ الدبلوماسية بمهارة لم يسبق لها مثيل. يقيم علاقات متوازنة رشيدة مع جميع الأقطاب فى العالم وعلى مسافة واحدة!
لقد مارس الرجل قواعد جديدة للتنسيق الدبلوماسى بين المعلن وغير المعلن.

قدرة غير مسبوقة على تنسيق الملفات الدولية المتشابكة لتحقيق مصلحة مصر فى ظل عالم معقد. اكتشاف مساحات جغرافية وسياسية جديدة للتمدد المصرى. إتقان هائل للعبة الانفتاح والتوازنات المختلة بين غالبية دول العالم.

فى أربع سنوات فقط حول الرجل وفريقه الرئاسى الانتحارى انطباعات العالم الخاطئة عن مصر وثورتها فى ٣٠ يونيو إلى حقائق مبنية على منطق!

غدا نكمل