الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب التحصين والتمكين 2 - 2

الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب التحصين والتمكين 2 - 2






عطفا على ما استعرضناه بالأمس. كان لزاما على الدولة أن تستوعب. فكانت الفكرة وكان التحرك. أكاديمية وطنية لتأهيل وتدريب الشباب. الهدف تحصين وتمكين الشباب وتأهيلهم للقيادة. قيادة وطن بحجم مصر. الفكرة حتما نشأت واختمرت فى وعى وعقل الدولة الشابة. بدأت بحلم داخل هذا العقل الذى صدقه وآمنت به وراحت تعمل من أجله.
عقل الدولة ورجالاتها كانوا شهود عيان على استهداف الوعى المصرى لتسخيره قسرا ضد الوطن. الشهود قرروا ألا يكتموا الشهادة. عقدوا العزم على الحركة الفورية نحو مستقبل وطنهم. يجب ألا يترك الوطن حقلا لتجارب ومغامرات. أو مسرحا لتطبيق عملى لنظريات الهدم والتفكيك.
الإخلاص للفكرة فرض التحرك فى إطار مؤسسى. الإصرار على الفكرة أدرك من اللحظة الأولى أن عملية الاستهداف لا تتم إلا لمساحات العقول الخاوية. العقول لم تخلق أبدا لتترك خاوية. من هذا المنطلق كان القرار بسرعة تسكين الوطن داخل وعى الشباب المصرى. التسكين طريقا إلى التحصين. وصولا إلى الحق فى التمكين.
■ ■ ■
أساس الفكرة هو إعداد أجيال قادرة على حمل الأمانة. تحولت إلى مؤسسة عنوانها “الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب”. أكاديمية الشباب هى عملية عبور جديدة. الهدف توطين مفهوم الدولة بمعناه الشامل على امتداد كامل مساحة الوعى لدى الشباب. مواجهة عملية إخلاء وتهجير قسرى كان أن تمت طوال ما يقرب من ثلاثة عقود متواصلة. للأسف نجحت بقدر مخيف فى خلق حالة اغتراب وتغريب ممنهج أثرت على مفاهيم الانتماء بدرجات متفاوتة.
لسنا أمام حالة لإعادة اختراع العجلة. نحن أمام مبادرة مستندة إلى تجربة سابقة. أثبتت نجاحا مؤسسيا متواصلا أخرجت كوادر تولت مسئوليات تاريخية. عن الأكاديمية الفرنسية أتحدث. جرى إعداد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ومن قبله جاك شيراك. إضافة إلى كوادر عديدة تولت مناصب رفيعة فى العديد من  الدول الإفريقية المتحدثة بالفرنسية. نحن أمام استنساخ لحالة مؤسسية أثبتت نجاحا. فرضت واقعا جديدا لتنمية وإعداد الموارد البشرية والاستثمار فى العقول. الأكاديمية المصرية على غرار نظيرتها الفرنسية. كيان لتأهيل الكوادر الشابة لتمكينهم من قيادة مستقبلهم والإمساك بآمالهم والعمل من أجله.
■ ■ ■
تحت رقم 434 لسنة 2017 أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قرارا جمهوريا بإنشاء الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب. تحرك ربما كان الأول من نوعه من جانب الدولة المصرية يستهدف جيلا كاملا بالتدريب والتأهيل.
الفكرة يبدو أنها اختمرت خلال لقاءات مؤتمرات الشباب. لكن عمق الفكرة يقينا نشأ فى وعى المؤسسة الرئاسية من رحم تجربة ثرية رغم قسوتها. كادت أن تعصف بالدولة فى 2011. إذا كان ما حدث وقتها علاجا خاطئا لتشخيص خاطئ. الأكاديمية حتما ستكون مؤسسة لإتاحة أدوات التشخيص الصحيح من أجل العلاج الصحيح.
تأسيسا على ما تقدم. الأكاديمية لم تنشأ نوعا من الرفاهية. لم تنشأ فى لحظة تجلى رئاسى. نشأت عن تفكير جمعى داخل مؤسسة الرئاسة. شارك فى تحويلها إلى واقع المخلصون حول الرئيس. الأكاديمية عنصر جديد للإنقاذ يضاف إلى منظومة الأمن القومى المصرى.
■ ■ ■
فى دولة 30 يونيو. لن يكون هناك أبدا مكان لأنصاف الموهوبين. ربما نظر الرئيس حوله فى بداية توليه المنصب الرئاسى فاستشعر تصحرا إنسانيا. جراء عوامل التعرية السياسية والاجتماعية التى ضربت الدولة. جرى تبوير مساحات من العقل والوعى على مدار ما يقرب من أربعة عقود. للقول إن العقل المصرى الذى صاغ خطة الخداع الاستراتيجى وحقق الانتصار فى أكتوبر 1973 بأقل الإمكانيات. ذلك العقل هو الخطر الحقيقى. ذلك العقل هو محل الاستهداف الرئيسى.
على هذه القاعدة استقرت أكاديمية الشباب. عملية استصلاح مساحات داخل عقل ووعى الأجيال الناشئة. الأكاديمية حتما ستكون منبرا لبناء الحرية. العقول المغيبة أبدا لن تكون حرة. إذا كان هناك من أدرك أن العقل المصرى هو الخطر الحقيقى. السيسى قد تيقن أن هذا العقل هو الكنز الحقيقى.
■ ■ ■
على مساحة عشرة آلاف متر مربع. شيدت مبانى الأكاديمية مصنعا لقادة المستقبل. على هذه المساحة الشاسعة ستشيد دولة 30 يونيو مشروعها القومى للاستثمار فى البشر والمستقبل. إذا كان ما جرى فى أحداث يناير 2011 قام به شباب لم يجد له مكانا فى وطنه. 30 يونيو تنشئ اليوم أكاديميتها من أجل تسليم هذا الشباب حقه فى وطنه ومستقبله. إذا كان محترفو التنظير يتحدثون عن تداول سلمى للسلطة. كان عليهم أن يدركوا ابتداء أنه لا سلطة بلا وطن. الآن دولة 30 يونيو تقر الحق فى تداول الوطن حقا أصيلا يعلو كل السلطات.
أكاديمية الشباب كيان نشأ شابا. بعقل شاب عاش آلام وحيرة وصدمة وآمال جيله. كان القرار أن يكون سببا فى إضاءة مسافة من الطريق. لعل أنوار المحاولة تبدد جزءا من ظلام اليأس والإحباط.
■ ■ ■
شهر الانتصارات أبى أن يرحل دون أن تكون الأكاديمية الوطنية إضافة لحكاية الانتصار المصرى. قبل يومين عقد مجلس أمنائها اجتماعه الأول فى مقرها. نخبة رفيعة من المسئولين والمفكرين والعقول ذوى الخبرة. الاجتماع الأول عنوانه بناء الإنسان المصرى. اتساقا مع ما أعلنه السيسى فى خطاب التنصيب للولاية الرئاسية الثانية.
الأكاديمية هى المؤسسة الحقيقية لهذا البناء والواقع العملى لترجمة ما أعلنه الرئيس. فى دولة يونيو. ليست هناك أقوال لا تصدقها أعمال. الآن أصبحت الأكاديمية صرحا يتحدث عن نفسه إيذانا ببدء إنتاج حقيقى لموارد إنسانية مصرية. مؤهلة حتما. ستتدفق على أسواق العمل والإدارة. إذا كانت مصر تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى لمواردها الغذائية. الأكاديمية طريق الاكتفاء الذاتى للموارد البشرية الإنسانية. إيمانا بأن الإنسان المصرى كان ولا يزال هو كلمة السر.