
رشدي أباظة
السودان.. وديعة الدبلوماسية الرشيدة (١-٢)
مسئول رفيع اطلع على تقرير يتحدث عن ترتيب التحديات التى تواجه الأمن القومى للبلاد قبيل توليه موقعه الكبير. كان الترتيب كالتالى:
الأول: الملف الاقتصادى وإنقاذ الدولة المصرية من شبح الإفلاس.
الثانى: ملف سد النهضة والأمن القومى المائى.
الثالث: الجهاز الإدارى وأعطاب مؤسسات الدولة وضعفها.
كان الملف السودانى من بين كبريات هذه التحديات بحسب تلك الرواية التى أخبرنى إياها شخصية دولية مرموقة ونافذة ذات يوم!
كان الملف السودانى قد أهملته الأنظمة السياسية السابقة بالترك حتى صار كرة لهب انفجرت بعنف فى وجه دولة ٣٠ يونيو والرئيس السيسى. لن أستزيد فى كيف حدث هذا الإهمال حتى نضمد الجروح وتبرأ.
ولعل الأشقاء فى السودان يدركون الآن أن الدبلوماسية المصرية والسودانية أخطأتا معا فيما مضى. وأن ما يحدث الآن هو نقلة تاريخية فى العلاقات بين البلدين وجب التمسك بتلابيبها أبدًا.
لنتحدث بوضوح. ما يحدث الآن مع ملف السودان هو جهد جهيد لجهاز المخابرات العامة. إدارة نجحت باقتدار فى رأب صدع هذا الملف. وتحويله من ملف مهمل على أهميته إلى ملف يضيف إلى الأمن القومى العربى عامة والمصرى خاصة.
السياسة الجديدة لجهاز المخابرات العامة تجاه السودان دليل واضح على استراتيجية دولة ٣٠ يونيو للاستثمار فى الأمن القومى. سياسة تؤكد أن دولة ٣٠ يونيو تدرك وتعى أن مساحات الأمن القومى لم تعد ثوابت تفرضها الجغرافيا والتاريخ. وإنما مساحات تحتاج دوما للرعاية والمتابعة والتطوير والقدرة على التعامل مع المتغيرات.
سياسة الرئيس السيسى الخارجية التى ينفذها باقتدار جهاز المخابرات العامة تقوم على ما يمكن تسميته بالدبلوماسية المستدامة. دبلوماسية تهدف لتنمية وديعة الأمن القومى المصرى وتسليمها للأجيال القادمة فى حالة زيادة وليس نقصان بسبب مواقف أو انفعالات شخصية !
الامتدادات الجغرافية لمساحات الأمن القومى المصرى قد تكون ثابتة من الناحية النظرية أو المادية. لكن مساحات سيطرة الدولة المصرية على هذه الامتدادات تختلف وتتأثر. خاصة أن تلك المساحات غالبا ما تكون مسرحا لعمليات العبث الإقليمى أو الاحتلال الفكرى لها بهدف فرض ضغوط على الدول صاحبة الحق الأصيل فى التواجد بداخلها!
فى الملف السودانى تحديدا وباقى الملفات رسم الرئيس السيسى لجهاز المخابرات دبلوماسية تقوم بوضوح على العطاء وليس الاستعلاء. على التواصل المكثف وليس الجفاء والإهمال. على المبادرة من أجل بناء النوايا الحسنة.
ما يحدث الآن وسيحدث مع السودان معجزة دبلوماسية تمشى على قدمين وقصة نجاح لأحد أكبر أجهزة المخابرات فى العالم فى ثوب إدارته المتجددة لو تعلمون عظيم!
نكمل يوم الأحد