الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الجريمة الضاحكة

الجريمة الضاحكة






أمر مزعج بات مؤرقًا. يقتل فى صمت. يتثير الأفئدة السليمة. يبارز الجد والجدية فى غير شرف. عن انتشار السخرية أتحدث!
السخرية هى الهزل فى موضع الجد. المصريون المعروفون بخفة الدم جعل بعضهم منها معولا للهدم.

الكوميديا فى حد ذاتها عمل فنى نبيل. الهدف منها هو توصيل مضامين جادة باستخدام أساليب الضحك والإسعاد. أساليب تجعلها أكثر سلاسة وأكثر قدرة على الوصول إلى مساحات الوعى المستهدف.
بهذا المفهوم يمكن أن نصل إلى معيار مهم للتمييز بين الكوميديا التى تستخدم أساليب التسلية والإضحاك بهدف الارتقاء بالوعى لتكون عملية «بناء إنسانى» حقيقية. عملية تسهيل تدفق المفاهيم الجادة. كل ذلك يختلف  تماما عن الإسفاف أو ما اصطلح على تسميته مؤخرا «السف» الذى يهدف لعملية «هدم إنسانى» من خلال تسطيح متعمد لكل فكرة جادة وتسفيه متعمد للشخص مصدر هذه الفكرة.
الأخيرة تحقق هدفين:
التسفيه والتسطيح!
عملية تكتيك ومنهج «تسفيه الأفكار الجادة» بقدر ما يبدو بسيطا فإن خطورته تتجاوز مظهره الخارجى لتهدد السلام الاجتماعى. لذا وبوضوح أقول عندما تهدر فكرة «الكبير» أو «القامة» التى لاتزال لها اعتباراتها الاجتماعية فى مجتمعاتنا المصرية. فإن خطورتها تزداد عندما تنتقل من مساحات أهدافها الاجتماعية إلى مساحات أهدافها السياسية لتمارس عملية اغتيال معنوى لكل خطاب جاد موجه إلى الرأى العام!
خطورة هذا التسفيه تتمثل فى الآتى:
١- الدفع بالمفكرين والمنظرين وقادة الرأى الجادين إلى الانزواء بعيدا عن المشهد  العام خشية وقوعهم تحت طائلة التسفيه التى تؤدى للتحقير.
٢- استدراج المستهدفين بالتسفيه نحو استخدام أسلوب مماثل للدفاع عن أنفسهم تجاه من مارس الإسفاف بحقهم لتتم بذلك عملية توريط المجتمع فى حالة إسفاف مركبة قادرة على الانشطار إلى ما لا نهاية خاصة عبر شبكات التواصل.
٣- إحداث عملية نزع استباقى لصفة الجدية عن أى أفكار جادة طالما أنه يمكن التعامل معها بأسلوب التسفيه وبالتالى إحداث عملية تشويه حادة للوعى العام الذى سيفقد القدرة على التمييز بين الجاد والهزلى.
٤- منح الأفكار الهدامة فرص الانتشار المعلن باستخدام نفس الأساليب وعند مواجهتها يتعرض المبادرون لعملية تسفيه مضادة تمنعهم من الكشف عن حقيقة تلك الأفكار أو تنزع عنهم المصداقية.
٥- سحب المجتمع بأكمله إلى مرمى التسفيه القاتل وبالتالى فرض حالة هزلية تهدف إلى إسقاط الحد الأدنى من الهيبة لمؤسسات وشخوص الدولة واللازم لتقديم عملية إدارية منضبطة!

سلوك التسفيه والتعامل الساخر مع كل ما يطرح يحتاج وقفة جادة. وقفة تستشعر المأزق الذى تلبس المجتمع منذ انفجار يناير الآثم. وقفة تستحق العودة إلى جادة الرشد والعقل قبل جادة الصواب!