«هدايا العيد» من أمانى الجندى
عن الهيئة المصرية العامة للكتاب صدرت المجموعة القصصية للأطفال «هدايا العيد» للكاتبة أمانى الجندى ورسوم أمانى البابا، ضمن سلسلة سنابل التى يرأس تحريرها الشاعر الكبير محمد بغدادى ويدير التحرير الشاعر عبده الزراع، والكتاب عبارة عن قصة طويلة للطفل، تناسب سن من 9-12، والدكتورة أمانى الجندى من الباحثين المهتمين بالتراث الشعبى، خاصة الذى يمس الطفل مثل الحكايات والألعاب الشعبية، كما أن لها عدة كتب فى هذا المجال.
وقصة هدايا العيد من القصص التى تحفل بالمفارقة منذ اللحظة الأولى، فشخصية الجد أمين شخصية مفارقة وصادمة ومختلفة لطبيعة الجد المعروف بالنسبة للصغار و الكبار فى مصر و العالم كله، فالجد فى قصة هدايا العيد شخصية بخيلة وشحيحة على الحفيدة ياسمين وهذا أمر غريب من الأجداد فى الدنيا كلها، فمعروف كما يقول المثل الشعبى أن أعز الولد ولد الولد، ويقصد المثل بالطبع الحفيد، والمضحك أن الحفيدة تتعامل مع الجد بالبخل نفسه فى مواقف متعددة، فحين عرض الجد على الحفيدة أن يأخذها معه لزيارة القرية-التى تحلم بزيارتها- فى العيد اشترط أن يقوم بذلك مقابل أن يقتسم معها هدايا العيد والعيدية التى سوف تأخذها من الأقارب، والغريب أن الحفيدة لم تستهجن ذلك ولم تبد أى اعتراض على شرطه المجحف، ويبدو أن العائلة تعرف تلك الحالة عن الجد فتعطى للطفلة ياسمين مبلغا من المال لكى تشترى ما تشاء ساعة أن يبخل الجد، ولكن المفارقة أن الجد يطلب من الحفيدة ثمن التذكرة والغرب أن الطفلة ترفض أن تعطيه وتطلب أن تجلس على قدميه، ويرضخ لها وتجلس فعلا على قدميه ثم يشعر بالتعب ويطلب من السيدة التى بجواره أن تجلس ياسمين على قدميها.
وتتواصل رحلة الحفيدة ياسمين والجد أمين الذى يزور أقاربه وأصدقائه، تأخذ الحفيدة ياسمين عددا من الهدايا من الأقارب و الغريب والمدهش والمفارق أن الحفيدة تلتزم بالاتفاق، وتطلب من أقارب الجد أن تأخذ هدية له أيضا لكى تحقق الاتفاق الذى تم بينهما، خاصة حين ذهبت لزيارة الجد حسينى بائع الأحذية و يطلب منها أن تأخذ جوز حذاء، فتأخذ واحدا لها والأخر للجد، فيندهش الجد الحسينى ويضحك و تبلغه أن ذلك اتفاق بينها و بين الجد.
ورغم عدم خضوع القصة لما هو متعارف عليه فى أصول كتابة القصة للطفل من نواحى تربوية تراها بعض الرؤى النقدية غاية فى الأهمية إلا أن شخصيات وأحداث قصة «هدايا العيد» امتلكت ذاكرة قوية لن تسقط بسهولة من ذهن الطفل القارئ، وهذا فى تصورى ما يميز هذا الكتاب، فقد استطاعت الكاتبة أن ترسم شخصيات القصة بشكل جيد، وسوف يرسم كل طفل شخصية الطفلة ياسمين فى ذاكرته متكئا على كل ما يحتفظ به فى ذاكرته من شقاوة ومشاكسة رآها أو قابلها فى حياته وسوف يتوقف كثيرا عند تلك البنت الشقية الجريئة التى تتحدى جدها وترفض بعض طلباته، بل وتطالبه بتحد ألا يبخل وتكشف أحيانا كذب وعده ومراوغته فى كل موقف.
وجاءت النهاية مفارقة فقد فقدت البنت ياسمين وجدها ما معهما فى القطار من قبل اللص الذى سرق محفظة الجد البخيل لأنه رفض أن يركب درجة مناسبة ليستريح هو حفيدته، وأرى أن ذلك ملائم تاما لمواقف الجد من البخل وعدم العناية بها، ولكنى لست متفقا مع الكاتبة فى سرقة الطفلة ياسمين التى تصر على الوضوح، لأنها لم ترتكب شيئا دراميا كى يتم معاقبتها بسرقة ما جمعت من أموال من الهدايا، إضافة إلى أنها كانت تنوى أن تعطى لجدها نصف ما جمعت، بدليل أنها قد أصرت أن تختار حذاء مناسبا له حين طلب الجد الحسينى أن تختار حذاءين لها، فكانت من الذكاء أن تختار للجد أمين واحدا ملائما له، ولو كنت مكانها لاخترت حذاءين لى وأعطيت واحدا منهما لجدى كى لا يستطيع الجد أن يلبسه!!.
وختاما تحية للكاتبة د.أمانى الجندى والرسامة أمانى البابا على هذا العمل المتفق والمختلف حوله مما يؤكد أهمية العمل، و كل الشكر لهيئة الكتاب وللدكتور هيثم الحاج على رئيس الهيئة لاستمرار صدور تلك السلسة التى فرضت نفسها على ساحة الكتابة للطفل بشكل محترم.