
حازم منير
لياقة بدنية مرورية
فى مصر كم من المبكيات المضحكات، وكم من المفارقات المدهشة والوقائع المذهلة والظواهر الفريدة والخبرات الخاصة والسلوكيات المذهلة التى تتفرد بها ويندر أن تشاهدها فى أغلب بلدان العالم وربما كلها من دون استثناء .
المعتاد أن تذهب إلى «جيم» أو الى ناد لتحصل على البعض من التمارين الرياضية المهمة للحفاظ على لياقتك البدنية، لأنهم يقولون «العقل السليم فى الجسم السليم» وكذلك يقولون إن «الحفاظ على اللياقة البدنية يضمن عمرًا مديدًا وصحة آمنة».
لكنك فى مصر تستطيع الحصول على تمرينات رياضية وبدنية فذة لا تجدها فى الأندية ولا فى «الجيم» كما تجدها فى الطريق العام، خصوصا إذا كنت تسير فى مناطق مزدحمة أو بها إنشاءات حديثة أوإصلاحات وترميمات وخلافه .
فى مصر تستطيع اكتساب ليونة جسدية عالية المستوى من خلال عبور الطريق، وببساطة شديدة أثناء عبورك تدفع بصدرك للخلف فتتجنب سيارة، أوتحرك قدميك خطوتين سريعتين فتمر من بين سيارة وتتوقف قبل السيارة التالية، وهكذا تمارس حركات جسدية تمنح قدميك ووسطك ليونة مطلوبة، ولو داومت على عبور الطرق لمرات عدة فى اليوم فستحصل على قسط محترم من التمرينات الرياضية المفيدة التى ربما تكلفك الكثير من الأموال فى الصالات التجارية.
المهارات المكتسبة لا تتوقف عند حدود اللياقة البدنية إنما تمتد إلى المهارات العقلية واللياقة الذهنية، فعملية عبور الطرق وسط السيارات لها مواصفات محددة إذا لم تمتلكها فانت فى خطر محدق، واذا لم تراعِ هذه القواعد فسوف تلحق بنفسك أضرار بالغة .
من خلال عملية العبور تكتسب مهارة القياس بمجرد النظر وتستطيع أن تحدد المسافتين الزمنية والمترية التى ستقطعها السيارة المقبلة والفارق بينها وبين التالية لها وفى هذه الحالة تستطيع العبور آمنا مطمئنًا ما بين السيارتين، وهكذا ومع توالى عملية العبور الآمن بين السيارات ستتعمق خبراتك فتتمكن من عبور كل الطريق فى قفزات لولبية متعرجة يمينًا ويسارًا لتجد نفسك بأمان على الضفة التالية من الطريق .
فى مصر لا يوجد مكان محدد لعبور المشاة، وإنما تستطيع العبور من أى مكان تختاره، وطالما تحتفظ بلياقتك البدنية وقدراتك العقلية ومهاراتك الذهنية فى القياس فأنت حر ما لم تضر وتستطيع العبور لنهر الطريق من أى مكان وبلا مشاكل، وفى الأغلب يستسهل الناس الأمر طالما يمتلكون هذه المهارات فيعبرون من أماكن العبور المقررة فى وجود الإشارات دون انتظار الأذن بالإضاءة الخضراء، فيختلط الحابل بالنابل ولا تستطيع التفرقة بين السيارت وبين الناس .
الخبرات العميقة التى اكتسبها المصريون عبر التاريخ لا ينقلونها معهم للخارج، وإنما يكتفون بممارستها داخل البلاد، والسبب بالقطع هو «حب الوطن» وعدم الرغبة فى الإساءة لسلوك المصريين فتجدهم فى الخارج وقد افتقدوا كل لياقتهم البدنية ومهاراتهم الذهنية، ولا يعبرون الطرق إلا من الأماكن المحددة، ولا يختلطون بالسيارات والمركبات المارة، ويحترمون الضوء الاخضر فى إشارات المرور احترامًا وتقديرًا بالغًا.
الانضباط فى الشارع انضباط للدولة كلها، والفوضى فى الطريق العام تخلق فوضى المجتمع .