
حازم منير
«العليا» لحقوق الإنسان
سألنى صحفى كان يُعد تحقيقًا عن رأيى فى قرار الحكومة بتشكيل لجنة عليا لحقوق الانسان وإذا ما كان القرار مقدمة لإلغاء المجلس القومى لحقوق الانسان أو لتقليص دوره وتهميشه بعد تشكيله خلال المرحلة المقبلة بعد ان تأخر التشكيل عن موعده قرابة العام.
مبعث دهشتى واستغرابى من السؤال ان «القومى» لحقوق الانسان التزام دولى للحكومة المصرية وفقا لقرارات الامم المتحدة وان الغاءه بمثابة انتكاسة لآليات حقوق الانسان فى مصر، وأن هذه المجلس أيضا التزام دستورى لا يمُكن الغاءه والا لكان القرار متعارضا مع الدستور، وثالثا هناك قانون فى مصر صادر منذ عام 2004 اسمه قانون إنشاء المجلس القومى لحقوق الانسان وادخل عليه مجلس النواب تعديلا قبل عام وان تقليص صلاحيات المجلس تقتضى تعديلا جديدا فى القانون.
الحقيقة فوق كل ذلك هى تلك الحالة من التشكك والتعامل السلبى مع قرارات الحكومة، وتوقع الاسوأ من ورائها، والتعامل معها باعتبارها تستهدف ايقاع الضرر من منطق ان «كل ما يأتى من الحكومة شر مستطير ولا خير من ورائه» وبالتالى فعليك ان تتعامل مع قراراتها واقتراحاتها على خلفية العدو المتربص بك.
نعم للحكومة اخطاء كأى حكومة فى العالم، ولها سياسات تتفق معها وتختلف، وليس كل ما تصدره موضع اتفاق، ومن حقك ان ترى فى بعض القرارات شرا لكن ليس كلها، كما ترى فى بعض القرارات خيرا وبالطبع ليست كلها، إنما تتعامل مع اى قرار أو سياسة بروح التوجس والخوف فهذا يعنى ان هناك مشكلة فى التعامل مع الآخر.
القرار الحكومى بتأسيس اللجنة العليا لحقوق الانسان قرار إيجابى ومفيد، وهو يُمثل إضافة لآليات حقوق الانسان فى المجتمع ويلقى على الحكومة باعباء ومسئوليات ليست بالقليلة، ويضعها امام مسئوليتها بشكل مباشر فى رعاية سجل حقوق الانسان الوطنى والنهوض به ومواجهة والرد على الانتقادات او الادعاءات بحدوث انتهاكات فى البلاد.
تستطيع ان تُحاسب الحكومة الان اذا لم تلتزم بواجباتها تجاه التوصيات المقرة فى المراجعة الدورية، وتستطيع ان تحاسب الحكومة بشدة اذا ما تراجعت او تقاعست عن التعامل مع اى ظواهر سلبية او مشكلات تتعلق بحقوق الناس، وتستطيع ان تنتقدها اذا لم تقم بدورها فى نشر ثقافة حقوق الانسان.
كل هذه الجهود والمسئوليات وغيرها تمثل اضافة متوازية مع مسئوليات ومهام المجلس القوى لحقوق الانسان ولا تنتقص من مسئولياته ولا دوره المنصوص عليه فى القانون والاهم على استقلاليته المنصوص عليها فى الدستور، بل سيستطيع المجلس ان يلعب دورا اكثر تأثيرا اذا ما قامت حالة تعاون وتنسيق ومتابعة بين المجلس واللجنة.
ولمن لا يعرف فإنه وكما تقدم الحكومة تقريرا للمفوضية الدولية بالمراجعة الدورية لحقوق الانسان على المستوى الوطنى، يُقدم المجلس تقريرا موازيا، وتُقدم المنظمات الاهلية تقارير موازية، وكل هذه التقارير تخضع للعرض والمناقشة، وهكذا فلا تعارض على الاطلاق بين اللجنة والمجلس المستقل او بين اللجنة والمنظمات غير الحكومية.
وعلى هذا المنوال فى مهام وصلاحيات اخرى تستطيع ان تفهم الاضافة التى ستحققها اللجنة العليا على الاقل فى التنسيق بين الهيئات الحكومية حتى تنتهى حالة التضارب والصراعات التى كنا نشاهد جوانب منها.
المهم ان اللجنة تشتغل بمهنية واحتراف مش بأداء روتينى وتقارير طالعة واخرى نازلة .