
احمد زغلول
أسعار السيارات .. إلى أين؟
لم يتوقف، على مدار الأسابيع الماضية، الجدل بشأن إمكانية انخفاض أسعار السيارات بحلول 2019 وبعد التأكد من أن الحكومة ستقوم فى يناير المقبل بتطبيق التخفيض المقرر على جمارك السيارات الأوروبية إلى الصفر التزامًا باتفاقية الشراكة.. وقد تطور الجدل إلى حالة من الترقب والتوقف عن شراء السيارات، بل واتجاه بعض الأفراد لبيع سياراتهم القديمة، رغبة فى الحصول على سعر جيد يمكّنهم من شراء جديدة بسعر مقبول بداية 2019.
ورغم أن ما كان ينتظره المواطن يعد أحلامًا مشروعة بل ومنطقية.. إلا أن تجار السيارات لم يتوقفوا عن التقليل من تأثير إلغاء الجمارك، بحجة أن الشركات الموردة ستقوم برفع الأسعار بداية العام وأن هناك مصروفات وضرائب أخرى تفرضها الدولة، مؤكدين أن من يعتقد أن صفر الجمارك سيقلص الأسعار «واهم» ولا بد أن يستفيق.
إصرار تجار السيارات كان نابعًا من جشع وعين لا يملؤها إلا المزيد من الأرباح حتى إن كانت على حساب المواطن والدولة .. لأن ما يسوقونه من أسباب، ببساطة شديدة، لا يدخل إلا فى نطاق التبريرات الفارغة.
فالمرجح أن شركات السيارات الأوروبية لن تقوم برفع الأسعار خلال 2019، بعكس ما يردد التجار، نظرًا لأن التضخم المتوقع لدول الاتحاد الأوروبى خلال العام المقبل لا يتجاوز 1% بحسب التقديرات، كما أن مبيعات سيارات الاتحاد شهدت تراجعًا خلال العام الجارى ما يدفع الشركات إلى البحث عن ميزة تنافسية، وبديهى أنها فى سبيل ذلك لن ترفع الأسعار، وإن اضطرت إلى ذلك فستكون الزيادة فى أضيق الحدود.
لكن وبعد قيام وزارة المالية لدينا بتحرير الدولار الجمركى لأسعار السلع غير الأساسية ومن بينها السيارات الخاصة، حيث تصبح محاسبة السيارات جمركيًا على أساس سعر الدولار لدى البنك المركزى والذى يصل حاليًا إلى 17.9 جنيه بدلًا من السعر المحدد إداريًا والذى تم تثبيته لشهر ديسمبر عند 16 جنيهًا، تغيّرت المعادلة، وأصبح الحديث عن انخفاض أسعار السيارات أمرًا صعب التحقق.
والدولار الجمركى هو سعر الدولار المحدد من جانب وزارة المالية الذى يتم بناء عليه تحديد قيمة السلعة المستوردة، بحيث تتم محاسبتها جمركيًا بناء عليه، فلو تم تحديد سعر الدولار الجمركى عند 16 جنيهًا فذلك يعنى أن تقييم سلعة مستوردة سعرها 10 دولارات سيكون 160 جنيهًا، ولو أنه تم تقييم سعر السلعة بالدولار الحر البالغ نحو 18 جنيهًا فذلك يجعل سعرها 180 جنيهًا، ونظرًا لأن السعر الحر سيكون أعلى فذلك سيزيد من الرسوم الجمركية على السلعة.
لكن البعض سيقول إن الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية ستصبح صفرًا وبالتالى فإن جعل قيمتها تقدر بالسعر الحر للدولار لن يكون مؤثرًا، لأنها معفاة من الجمارك، وهذا صحيح نسبيًا، لأن تقييم السيارة بالدولار الحر سيجعل سعرها بالعملة المحلية أعلى ومن ثم ستزيد الرسوم المفروضة عليها بموجب ضريبة القيمة المضافة ورسوم التنمية، وهو ما يحد من تأثيرات إلغاء الجمارك، بل ويمكن أن يدفع التجار إلى رفع الأسعار.
والمهم هنا أن تتم السيطرة على محاولات الاستغلال من جانب تجار السيارات والمغالاة فى التسعير وأن تتحرك الأجهزة الرقابية ممثلة فى «حماية المستهلك» و»حماية المنافسة» وغيرهما مبكرًا لضبط سوق السيارات والأسعار.. فقبل تحرير الدولار الجمركى كان التجار يرون أن صفر الجمارك لن يؤثر وأن الأسعار سترتفع.. فما بالكم بما يمكن أن يفعلوه الآن؟