الجمعة 18 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تسويق مصر «2-1»

تسويق مصر «2-1»






فى إحدى الليالى العاتية الأولى لحكم الرئيس السيسى. السماء ملبدة بالغيوم. والأرض تكاد تحترق من تحت الأقدام. لم يمر على عزل الرئيس الإخوانى عام. إرهاب فى الداخل يحصد الأرواح بلا رحمة. هزات اجتماعية تقصم الظهور. خارج يتجه لمحاصرة مصر. جلس الرئيس بجوار جلاسه من كتاب صحفيين وإعلاميين. قال قائل منهم: الملف الخارجى يتجه للتصعيد ضد. هو الأول من نوعه فى التاريخ. ابتسم الرئيس وحلق بنظره إلى السماء ثم خفض رأسه متبسمًا تبسم الواثق: الملف الخارجى عندى!
مرت خمس سنوات على تلك اللحظة. كانت التحديات الخارجية بالفعل عظيمة وخطيرة. بيد أن الرجل نجح نجاحا مبهرا.
لقد سوق السيسى مصر تسويقا عجيبا. ولا ندرى كيف؟

مصر ٣٠ يونيو لم تبدأ بناء تواصلاتها الخارجية استجداء لاعتراف أو تأييد. بل من واقع ما تملكه من أدوات وتسيطر عليه وتجيد استخدامه. من هنا عرف الرجل سر القوة.
زيارة السيسى للنمسا حاليا تجيب على الكلمة التى ذكرها لمحدثه.. الملف الخارجى عندى!
مصر ٣٠ يونيو الدولة المرتكزة على قاعدة فعل ثورى رشيد عقب الثورة أعادت اكتشاف ذاتها أولًا. لتدرك احتكاراتها الحصرية جغرافيًا فى تأمين المياه الإقليمية وفِى تحجيم موجات الهجرة غير الشرعية.
لم تمنح مصر حاملات الطائرات لأنها تملك قيمتها فقط. أو تستطيع إدارتها فقط.  بل لأنها تستطيع استخدامها كإحدى ضروريات حماية الأمن الإقليمى والدولي!
نجح السيسى فى إيصال رسالة ثورته للعالم. قال وقوله الحق: مصر دولة ثورة رشيدة تبقى وتذر.
الثورات تمر بمراحل تكاد تكون معروفة وثابتة:
١- المد الثورى.
٢- إدارة الشأن الداخلى بعد الثورة وفرض الأمن والاستقرار.
٣- التواصل مع العالم الخارجى.
نجاح أى ثورة يتوقف على نجاح القدرة على إدارة هذه المراحل. فإما أن تتحول أداة للبناء والإصلاح أو أداة للفوضى والتخريب والهدم.
هنا تتجلى عظمة ثورة ٣٠ يونيو التى وضعت مقدراتها تحت إمرة الدولة. ولم تنحرف إلى مسارات الفوقية فوق الدولة. الصحيح هو أن «الدولة مستمرة» وليس صحيحا أن «الثورة مستمرة»!

بدا لى أن الرئيس السيسى قفز فوق أزمة الملف الخارجى المتأزم آنذاك.
لقد كان يقصد «تسويق مصر».
غدًا نكمل