
حازم منير
حملات الكراهية والتشكيك
لا يغيب عن أى ملاحظ أو مراقب للأحداث تصاعد حملات التشكيك فى الأسابيع الأخيرة والتى تصاحبها حملات إثارة الكراهية موجهة بشكل واضح ومحدد فى إطار تصور متكامل يربط بين الإنجازات والشخص لاستثارة المشاعر الإنسانية وتنمية روح الكراهية والغل والعنف الشخصى فى المجتمع.
الشاهد أن حملات السخرية والتشكيك تستهدف المشروعات الكبرى الناجحة وهى تفعل ذلك بربط مقصود ومتعمد بينها وبين مشكلات حقيقية نعيشها وتستهدف من وراء ذلك إضفاء المصداقية على المعلومات الخاطئة، وهى قاعدة معروفة للدمج بين بعض جوانب حقيقية لتبرير وتمرير أفكار ووقائع خاطئة.
والحاصل أن تصاعد تلك الحملات فى الآونة الأخيرة يرتبط ارتباطا وثيقا بالمرحلة الزمنية واقتراب نهاية شهر ديسمير وحلول شهر يناير، الذى ما زال البعض يتصور الصلة بين هذا الزمن وبين الاحتجاجات الشعبية كما حدث قبل سنوات، وهو هدف مقصود سياسيا ويجرى الترويج له بذكاء شديد على مختلف مواقع التواصل الاجتماعى.
الشاهد اختيار أنجح المشروعات للتشكيك فيها باعتبارها النقطة الأقوى فى إنجازات الدولة المصرية ومنها مثلا مشروع قناة السويس الذى تمكن من زيادة دخل القناة بمعدلات ضخمة رغم أزمة التجارة العالمية، وهو المشروع الذى يقدم أرباحه بانتظام لعشرات الآلاف من المساهمين فى المواعيد المحددة لها، ورغم ذلك لم يسلم المشروع من التشكيك فيه.
ولا ينكر سوى مكابر نجاح مشروع الكهرباء الذى يعد بكل الوجوه إنجازا تاريخيا واقتصاديا منقطع النظير، استطاع العبور بالدولة المصرية من حالة متراجعة ومنهارة إلى حالة متقدمة للغاية يتحدث عنها الجميع، وساهم هذا النجاح فى تلبية متطلبات خطط النمو للاقتصاد الوطنى وتحويل مصر إلى مركز إقليمى للطاقة، ورغم هذا طالت حملات التشكيك هذا الجانب من زاوية تحرير أسعار الطاقة وارتفاعها، إلى الدرجة التى تشكك فى الإنجازات بزعم أن ارتفاع أسعارها يؤكد فشل المشروع ذاته، وهو منطق مثير وغريب.
لم تعد المسألة التشكيك فى الإنجازات والمشروعات الكبرى الناجحة، وإنما امتد الأمر إلى حملات كراهية وتحريض شخصى بالربط بين التشكيك فى المشروع وبين الأشخاص بهدف خلق مناخ وبيئة عنف فى المجتمع بين الأنصار والمعارضين.
حملات الكراهية من أخطر الأحداث التى يمكن أن يشهدها أى مجتمع، وهى وإن كانت تستهدف إثارة الكراهية ضد شخص معين والتحريض ضده إلا أنها دوما ما تمتد آثارها ويتسع مداها إلى المجتمع بكل عناصره فتنشر روح العنف وتُكرس مناخ التحدى السلبى ورفض الحوار، وتهيئة مناخ الفوضى بين الناس.
الحقيقة أن ما تمر به مصر هذه الأيام ليس بجديد، وإنما هى محاولة جديدة تقوم بها الجماعات المناهضة للدولة بهدف مراكمة حالات سخرية وتحريض قائمة على التشكيك فى المشروعات الناجحة لهز ثقة الناس وإثارة حالات كراهية وغضب فى نفوسها ضد رموز الدولة الوطنية واستثمار هذه الأوضاع فى تهيئة المناخ لحالات عنف.
المفارقة أن تحالف الجماعات المناهضة للدولة والإرهابية لا يبادر أبدا بالفعل، وإنما هو يُخطط لكل هذه المؤامرات ويُحجم عن التنفيذ، ويوجه عناصره بذلك من أجل استغلال الناس وتوظيفهم لمصلحته السياسية، وهى لعبة باتت تقليدية من كثرة تكرار جماعات الإرهاب لها خلال السنوات الماضية وفشلها التام فى تمرير الأكاذيب والشائعات بعد أن فقد الناس الثقة فيها وممارساتها المعادية للدولة الوطنية.
التحريض على الكراهية سياسة الإرهابيين وأنصار نظرية العنف والفوضى.