الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مفردات الثقافة القانونية

مفردات الثقافة القانونية






يعد تحديد تعريف مفردات ثقافة الوعى بالقانون من الأهمية بمكان على المستويين الفردي، والجمعى، بل وأصبح أمرًا حيويًا - إن لم يكن إلزاميًا – لارتباطه بأخص أمور الإنسان الفرد فى السلوك والسعى، والعقل والتعلم، والثقافة والشخصية، والاعتقاد والتدين، والعمل والإنتاج، بل والحلم والأمل والمستقبل، وعليه يصبح بالضرورة أمرًا شديد الحيوية للمجتمع ككل، وتأتى الضرورة أيضًا من الجوانب الإيجابية لسيادة هذا المفهوم على حياة الفرد والمجتمع والدولة فى السياقات المحلية والإقليمية والدولية كذلك، وهوما سنلقى عليه الضوء فيما يلى:
الثـقـافــة: تعد الثقافة المدخل الأول والمكون الأساسى لأى إنسان فى هذا العصر الذى تشابكت أواصره، وتعددت مشاربه وتباينت مصالحه، وتفجرت معارفه، وفى عالمٍ اليوم الذى هو قرية صغيرة فقد اقتربت مسافاته، وتلاشت حدوده، وتشعبت علومه ومعارفه، والثقافة قديمة قدم الإنسان نفسه لارتباطها بمفهوم التهذيب والحذق والمهارة، فكما تشير دلالات تلك المادة اللغوية إلى: ثَقِفَ الشيءَ: حذقه .. ورجل ثَقْـفٌ وثَقِـفٌ وثَقُـفٌ: حاذقٌ فَهِــمٌ .. وإذا كان ضابطًا لما يحويه قائمًا به ... وثقفَ الشىءَ: سرعة التعلم، ويضيف ابن منظور: غلامٌ ثَـقِــفٌ: ذو فطنة وذكاء، والمراد أنه ثابت المعرفة بما يحتاج إليه .
 وتعد الثقافة أهم موضوعات العلوم الاجتماعية على الإطلاق، بل ويعدها بعض المفكرين أنها مثل الهواء الذى نستنشقه، نسلم بوجوده تسليمًا ولكننا نكاد لا نشعر به.... وتعد الثقافة من وجهة النظر الانثروبولوجية: هى مجمل التراث الاجتماعى، أو هى أسلوب حياة المجتمع،  أو هى جميع المناشط والاهتمامات المميزة لشعب ما.. وعلى ذلك فلكل شعب ثقافته، بمعنى أن له أنماطًا معينة من السلوك والتنظيم الداخلى لحياته، والتفكير والمعاملات التى اصطلحت عليها الجماعة فى حياتها، والتى تتناقلها الأجيال المتعاقبة عن طريق الاتصال والتفاعل الاجتماعي، وعن طريق الاتصال اللغوى والخبرة بشئون الحياة والممارسة لها..
القانــون: علم اجتماعى موضوعه العام هو الإنسان وعلاقاته وسلوكه وأنشطته.. وتطلق كلمة قانون فى معناها العام على جميع القواعد والأنظمة التى تهدف إلى تنظيم الأنشطة الاجتماعية المختلفة؛ لذلك يرتبط معنى القانون بالتنظيم، فالإنسان خُلِق؛ ليعيش حياته ويتمتع بوجوده، وهو فى سبيل ذلك يقوم بالعديد من الأعمال والأنشطة، ندر منها ما ينفرد بإنجازه، فطبيعة الحياة تقتضى التعاون بين الأفراد. وبمرور الزمن وتطور العلاقات الاجتماعية وتشابكها غدا الأمر ملحًّا لنشوء علاقات مشتركة بين أفراد المجتمع متعاونين متكافئين لدفع عجلة الحياة.. ويرتبط بذلك أيضًا مفهوم القانون الأخلاقى وهوالمبدأ الكلى والملزم الذى ينبغى أن تكون أفعال الكائن العاقل مطابقة له من أجل تحقيق استقلال الإرادة.
الوعـــي: يعد هذا المفهوم هو الغاية والهدف الأسمى من نشر الثقافة والمعرفة القانونية، لأن الوعى- كما تقول اللغة- يدور معناه حول الحفظ والفهم والقبول .. وفلان وعى الحديث: حفظه وفهمه وقَبِـله، وفلان أوعى من فلان: أى أحفظ وأفهم، والَوعِيُّ: الحافظ الكَيِّس الفقيه، وفلان وعى القرآن: عقله إيمانًا به وعملاً، ومن حفظ ألفاظه وضيع حدوده فهوغير واعٍ به..  وتعبر كلمة الوعى عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجى عن طريق منافذ الوعى التى تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس ... والوعى هو ما يكون لدى الإنسان من أفكار ووجهات نظر ومفاهيم عن الحياة والطبيعة من حوله.
 ويعنى وعى الذات وعى الإنسان لذاته ولمكانته فى نشاط الناس الاجتماعى المشترك، وبفضل هذا الوعى يكتسب الإنسان القدرة على مراقبة الذات، وإمكانية التوجيه الهادف لتصرفاته وضبطها وتربية الذات، وعليه يكون على الذات مسئولية أخلاقية، وتتحقق قناعات الذات من قدرة المرء على الضبط الذاتى لأفعاله.. أى فى النهاية يرتبط الوعى بالعلم والمعرفة والفهم والتطبيق ومراقبة الذات وضبط سلوكها وتوجيهها توجيهًا هادفًا، وبناءً عليه تنطلق فكرة الوعى بالقانون من هذه المنطلقات المرتبطة بهذه المفاهيم، فحقيقة الوعى بالقانون ليست فقط معرفة التشريعات والنصوص القانونية، بل هى صورة متمازجة وشاملة لكل أنواع الوعى الاجتماعي، ورفع المستويين الثقافى والمعرفى للمواطن ليكون قادرًا على استيعاب القانون وتقبل أوامره ونواهيه بشكل صحيح، بل ويتبنى القانون ويجعله قيمة عليا يدرك أبعادها ويسعى لتطبيق موجباتها.
وبالقانون .. تحيا مصر،،