
رشدي أباظة
تجديد الخطاب الاجتماعى!
من أين تنشأ المخالفات المجتمعية؟
الإجابة من ثقافتها الاجتماعية التى تخلق خطابًا اجتماعيًا يصير بمرور الزمن قانونا عرفيا يحكم المجتمع. يسير على هداه ويخطو خطاه.
كل الأفكار التى تحدد ثقافة ومعايش الناس فى أى مجتمع يحددها ذلك الخطاب.
منها تنحدر الأفكار الدينية والمعاملات التحتية والتصرفات العرفية .
مثلا يتحدث الناس جميعهم عن ضرورة مكافحة الفساد .. بيد أنهم يمارسونه فى معاملاتهم!
يتحدثون عن ضرورة مكافحة الغلو والتطرف فى الدين .. بيد أنهم يمارسونه فى آرائهم وأحكامهم على غيرهم!
الخطاب الدينى المتطرف لا يستحدث من العدم ولكنه يجب أن يفنى.
مقصودى هو الحاضن الاجتماعى لهذا الخطاب . البيئة التى ينشأ فيها ويترعرع . يجد مجالا لتسويقه عندما يسكن عقولًا تحملها أجساد بشرية تتحول إلى رسل ومندوبى تسويق لهذا الفكر ! المنطق إذن يقول إن محاربة الفكر المتطرف تبدأ من حصار البيئة التى ينمو فيها!
فإذا كان العلم يقول إن أهم خطوة فى «إدارة الأزمة» هو منع «حدوث الأزمة» فإن علم إدارة الفكر المتطرف يجب أن يقوم أساسا على منع هذا الفكر!
عملية استهداف «الفكر المتطرف» تستوجب مبادرة فكرية للقيام بما يشبه التكتيك العسكرى خلف خطوط العدو وصولا للأعماق.
المطلوب هو القيام بمبادرات خلف خطوط الفكر المتطرف بهدف الوصول إلى مساحات العقول المستهدفة قبل أن يصلها هذا الفكر.
نحن أمام فرض عين حال لاستهداف العقول من خلال تطوير الخطاب الاجتماعى قبل أن تتحول هذه العقول لمحطات للفكر المتطرف.
نحن أمام فرض عين حال لتنشئة اجتماعية تقوم على أساس احترام قيمة الإنسانية!
لسنا أمام عملية إعادة اختراع العجلة . بل أمام عملية إدارة وتدوير رشيدة ومبدعة لهذه العجلة . الدولة أساسا تملك ثلاثية سحرية معطلة :
١- مراكز الشباب
٢ - قصور الثقافة
٣- مراكز النيل التابعة للهيئة العامة للاستعلامات
البنية الأساسية لهذه الثلاثية منتشرة فى جميع المحافظات.
من هنا يستوجب تغيير الخطاب الاجتماعى فى مصر .
خطاب اجتماعى يقتل فكرة التعايش مع الفساد والتطرف.
يعلى قيم الإنسانية التى يعيش عليها العالم المتقدم .. فهل نحن فاعلون؟